فهرس الكتاب
الصفحة 215 من 477

المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

20/6/1429هـ

السؤال:

أنا فتاة، وأهلي سوف يسافرون لقضاء عطلة الصيف في بلد أوروبية (بريطانيا) ، ما حكم ذهابي معهم لهذه البلد (لندن) ، مع العلم أنني لا أستطيع أن أمنعهم من السفر إلى هذه البلد، ولا أستطيع أن امتنع عن السفر بالرغم من وجود أبي وبعض إخواني في البيت إلا أنني مرتبطة بوالدتي، ولا أستطيع أن أمكث في البيت بدونها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

أختي الفاضلة: قرأت سؤالك، وتأملت معاناتك مليِّاً، فتوارد عليّ شعوران تجاذباني وهما في غاية التنافر والاختلاف:

يتملَّكني شعورٌ بالإعجاب والإكبار لعقلك، فإني أرى نضجه، وأتلمس رجحانه في موقفك من مسألة السفر هذه، وكأني بك راغبة عنه لولا تعلّقك بأمِّك، لقد أعجبني منك هذا التعقُّل، وأكبرت فيك هذا التردد؛ فقلَّ أن تتردد فتاةٌ في مثل عمرك في هذا السفر، فضلاً عن أن تستفتي فيه أحداً.

وينتابني شعورٌ بالأسى والحسرة لهذه الظاهرة الخطيرة ألا وهي السفر لبلاد الكفر بالمال والأهل والولد، فالمال يذهب إلى الأعداء، والأهل والولد يرجعون بغير ما ذهبوا به، محمَّلين بالأوزار والشبهات والعادات السيئة، ويكفي منها التسخط على أوضاع المجتمع المحافظ نوعاً ما.

أختي الفاضلة: قد تكون المقاصد والبواعث بريئة لا تخرج في بداياتها عن مجرد النفرة من حر الصيف اللافح، وقصدِ التمتُّع بالطبيعة، وتغيير نمط الحياة الرتيب، لكن هل الذي يحدث هو فعلاً هذا، وهل تنتهي كما بدأتْ؟

الغالب - وبشاهدة الواقع - من أحوال هؤلاء السائحين في بلاد الكفر هو التجوُّزُ في كثير من المنكرات، والتردّد على مواطن ترتادها شياطين الإنس والجن؛ لتستثير كوامن الفتنة والشهوة، ولذا فنصيحتي إليك أن تجتهدي في صرف أهلك عن السفر إلى بريطانيا (أو غيرها من بلاد الكفر) إلى بلاد إسلامية محافظة، ولا تستيئسي في دعوتهم ونصحهم، ولكن باللين والرفق، فإن أبوا إلا السفر إلى هنالك فعليك بتذكيرهم بوجوب الاحتشام، والبعد عن مواطن الرذيلة، وتذكيرهم بأن تقوى الله والالتزام بشرعه لا يحده حدود دولة، ولا يختص بمكان دون مكان، ولا بزمانٍ دون زمان، بل الأمر على قاعدة: (اتق الله حيثما كنت) .

إن كونهم عازمين على السفر لا يعفيك من النصيحة لهم، وتذكيرهم بتقوى الله، وتحذيرهم من مغبة معصيته.

كما أن رفضهم لنصحك إياهم بترك السفر لتلك الديار لا يعني أنهم لن ينتصحوا لك فيما سوى ذلك، ولا يعني أنه لا خير فيهم، ولا جدوى من نصحهم، فليكن أمرك معهم كما قال الأول: حنانيك بعض الشر أهون من بعض.

أما سؤالك: هل تذهبين معهم أم تمكثين في البيت مع أبيك وبعض إخوتك؟

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام