فالذي أنصحك به - أختي الفاضلة - هو ألا تسافري إلى تلك البلاد ما دمت قادرة على عدم السفر، فالسفر إلى تلك البلاد - كما تعلمين - لا يكاد يخلو من بعض المفاسد والفتن، خاصة لمن يقصد المدن الكبرى منها، والتي تعج بألوان من الفساد، ومظاهر من التفسخ في دعوة إلى الفاحشة بطريقة صارخة فجة تلاحق حتى الذاهل عنها.
وإن كنت لا تصبرين على فراق أمك، وتحتاجينها في ضرورات حياتك اليومية؛ فألحي عليها بعدم السفر إلحاحاً لا يفتقد اللطف، ولا يفارقه الأدب؛ فإن هي أبتْ إلا السفر فعسى أن تكوني معذورة في مرافقتها إلى هناك، ولكن بشرط المحافظة على الصلوات في وقتها، والتزام الحجاب الشرعي الكامل، فلا كشف للوجه، ولا لبس للضيق، وعليك بالبعد عن الاختلاط بالشباب، وعن مواطن الفتن.
وليكن قضاء وقتك في التمتع بما حباه الله تلك البلاد من جمال الطبيعة الخلابة، والتفكرِ فيما بثه الله فيها من بديع خلقه، واشغلي وقتك بما يفيدك: من القراءة في كتاب الله، وحفظ بعض السور، والقراءة في الكتب النافعة، فسوف تجدين في ذلك لذة تضارع لذة المقيمين على الشهوات والمعاصي، ولسوف تجدين في ذلك أُنساً لا يجده أولئك في معاقرة الخمرة، ومنادمة القينة.
وعليكِ أولاً وآخراً بتقوى الله في السر والعلن، والإقامة والظعن، فإن الله لا تخفى عليه خافية، وفقكِ الله، وهداك وثبتك، وحباك حب طاعته، واستعملك في مرضاته.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.