سامي بن خالد الحمود
أما بعد .. بعد طول انتظار وترقب .. انقضت الامتحانات، ووزعت الشهادات، وبدأت الطيور تهاجر، وعن مواطنها تغادر .. فامتلأت السيارات والطائرات، وازدحمت السفن والقطارات، التي تقل الملايين من المسافرين إلى الخارج .
في دول الخليج فقط، أكثر من 8 مليون و800 ألف خليجي يسافرون سنوياً إلى الخارج .
نظرة سريعة إلى صحفنا ومجلاتنا, تطلعك على لافتاتِ وإعلانات لقضاءِ الإجازة الصيفية في مختلف دول العالم .
ومن هنا، انقسم الناس، ما بين سائح رابح، منتفع بسفره، وما بين مغامر بدينه، مضح بأخلاقه ومبادئه .
عباد الله .. لا شك أن السفر له فوائد كثيرة ، كما قيل:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا/وسافر ففي الأسفارخمس فوائد
تفرّجُ همٍّ واكتسابُ معيشة/وعلمٌ وآدابٌ وصحبةُ ماجد
وعلى الرغم من هذه الفوائد ، فإن السفر قد يتحول عند البعض إلى سيل من المفاسد، إذا لم ينضبط بالضوابط الشرعية والأخلاقية .. وسأذكر في هذه الخطبة بعض هذه المفاسد من باب الوقاية والتحذير والإصلاح، والله الموفق .
-فمن مخاطر السفر إلى البلدان المنفتحة: ما يقع على دين المرء من ضعف الديانة وإلف المنكرات ، بسبب استمرار النظر إلى مظاهر السفور والتبرج، فيألفها القلب، وتصبح أمراً معتاداً لا تنكره النفوس .
ولهذا أفتى أهل العلم بعدم جواز السفر إلى بلاد الكفر إلا لضرورة، أو حاجة ملحة ، فمن اختار بلاد الكفر موطنا لسياحته، ومقرا لإجازته ، فإنه يخشى عليه من براءة النبي صلى الله عليه وسلم منه؛ كما قال عليه الصلاة والسلام" (( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) )."
وإنك لتحزن, عندما ترى بعض الآباء يرسلون إلى تلك الديار الفاسدة فلذات أكبادهم, ومهج نفوسهم ، التي نشئت على التوحيد ، وتربت على الستر والحياء، ولم تمش إلى البارات وحانات الخمور، وفي لمحة بصر وغمضة عين, ينقلب الأمر رأساً على عقب, فيرى الولد العراة من الدين والخلق والقيم، ويرى العروض المجانية للنساء اللواتي قد حسرن عن أفخاذهن, و يرى حانات الخمور في كل شارع، ويرى الفساق يشربون الخمر ويتعاطون المخدرفي كل ناحية.
فقل لي بربك أيها الأب, ما الذي يردع ذاك الشاب التي تتأجج الشهوة في صدره، وتلتهب الغريزة في نفسه, عن مقارفة تلك القاذورات, وتعاطي تلك المسكرات .
ويا ترى ماذا يدور في خاطر تلك الفتاة المسكينة؟ وماذا يتحرك في نفسها؟ وهي ترى نظيرتها الأوربية والأمريكية, على حالة من التفسخ والانحلال, وقد تأبطت ذراع شاب عربيد، يجوبان الشوارع على أنغام الموسيقى الصاخبة .
كم من القيم تهتز؟ وكم من الشباب يرجعون من هناك محملين بأفكار مسمومة, وشهوات محمومة؟ قد غُسلت أدمغتهم ، ومُحيت ديانتهم ، فأصبحوا لا يطيقون المكث في ديار الإسلام.. والله المستعان .
-ومن المخاطر: الخطر الأمني في بعض البلدان، جرائم ترتكب؟ وأموال تنتهب؟ ونفوس تقتل وتختطف؟ .. حتى أصبحت الجريمة في أكثر البلدان جريمة منظمة ، تقوم بها عصابات مدربة تستهدف السائحين وتبتز أموالهم .