إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة .
عباد الله.. جاء الإسلام حريصاً بتشريعاته على سمو الأنفس وطهارتها ، ناهياً عن مواطن الريب، وأماكن الشبهة ، فبين الحلال وشرّف صاحبه ، ونهى عن الحرام ووضع الحدود الزاجرة له ، { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ } .
أجل لقد قضت سنة الله أن الأمم لا تفنى وأن القوى لا تضعف ولا تبلى إلا حين تسقط الهمم وتستسلم الشعوب لشهواتها ، فتتحول أهدافها من مثل عليا وغاية نبيلة إلى شهوات دنيئة متدنية فتصبح سوقاً رائجا للرذائل ، ومناخاً لعبث العابثين، فلا ثلبت أن تدركها السنة الإلهية بالهلاك والتدمير {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } .
أي مسلم يرضى أن يخدع في أهله وأي عاقل يرضى أن يكون سبباً في اختلاط الأنساب من حوله وأي مؤمن يرضى بالخيانة والخديعة والعدوان ، كل ذلك لا يرضاه المؤمن لنفسه كذلك أيضاً لا يرضاه لغيره وفي حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) .
لقد ربط الله السعادة وعلق الفلاح بخصال حميدة منها حفظ الفروج فكان فيما أنزل الله عزوجل: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} تدل الآية على أن من قارف الزنا وتجاوز الحلال إلى الحرام فاته الفلاح ووقع في اللوم واتصف بالعدوان.
عباد الله.. وهذه الفاحشة - أعني فاحشة الزنا - لها أسباب وأبواب فمن أسبابها:
السفر إلى خارج البلاد وخصوصاً في أوقات الإجازات كمثل وقتنا هذا ، فمع وفرة المال في أيدي كثير من الناس تطلعوا إلى الخروج خارج البلاد لغرض النزهة والسياحة ، خرجوا إلى بلاد يسهل فيها الوقوع في هذا الذنب العظيم بل ينظم لذلك .
والواجب على المسلم أن يبتعد عن أسباب الفتنة ومواطن الريب، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال: ( من سمع بالدجال فلينأ عنه ) أي فليبتعد عنه .
فالذهاب إلى تلكم المواطن والتي تكون سبباً للوقوع في هذا الذنب محرم ولا يجوز ،وعلى المسلم أن يصون دينه وخلقه .