فهرس الكتاب
الصفحة 364 من 477

أحمد عبد الجبار - بيروت

قد يقرأ البعض في العنوان تشاؤماً، وقد يُعرض عنه آخرون لدقة وحساسية ما يجري في فلسطين من استهداف وإذلال ليس للفلسطينيين فحسب، وإنما للأمة الإسلامية جمعاء، لكن ما دعاني لهذا العنوان هو خطورة ودقة الوضع السياسي والأمني في لبنان، وتداعياته وانعكاساته محلياً، وإقليمياً، ودولياً، إضافة إلى المؤامرات التي قد تمرر والعالم منهمك بالقضية الفلسطينية (قضيتنا الأولى بلا منازع) .

* محلياً:

اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري كان الحدث الزلزال الذي ضرب لبنان وسوريا؛ والذي ما فتئت آثاره وأبعاده تتكشّف لنا يوماً بعد يوم.

الوضع السياسي الداخلي في لبنان يشهد احتقاناً لم يسبق له مثيل منذ انتهاء الحرب الأهلية، وما يسمى بالحوار الوطني يعكس تماماً خطورة الوضع، ويجسد العُقد التي أصبحت واحدتها معضلة؛ فما بالك مجتمعة!

ميثاق الطائف الذي أبرمته الفئات المتنازعة على أرض لبنان، والذي يفترض أنه عالج معظم التشنجات الطائفية، ووضع آليات تحول دون تفاقمها مستقبلاً؛ أصبح الآن شيئاً من التاريخ القديم، لا مكان له إلا في متاحف الوثائق والمخطوطات.

لبنان اليوم أكثر طائفية منه في أي عهد مضى، والقوى السياسية فيه (بما فيها من ينعتون أنفسهم بالعلمانيين) متخندقة على خطوط تمايز طائفية بحتة، أقول: (متخندقة) وأعنيها حرفياً، فالشيعة بفرعيهم: حزب الله وحركة أمل؛ لهم مواقع محصّنة على الصعيدين السياسي والعسكري، والموارنة بدأوا يُعدون لاسترجاع أمجاد القوات اللبنانية العسكرية في الوقت الذي يؤكد فيه قائدها نبذه للحلول العسكرية، وقناعته التامة بتحقيق ذلك من خلال السياسة والحوار، ولكن عندي من الأدلة المصوَّرة ما يثبت قيام"القوات"بتدريبات عسكرية تحت إشراف نديم بشير الجميل، وقد قاموا بإنتاج فيلم تحريضي قبل بضعة أشهر بعنوان: (حتى ما يموت الشهيد) ؛ يخاطب الجيل الجديد من القوات، ويحرضهم على كل ما هو إسلامي، أو عربي، أو فلسطيني.

الأضعف في هذه المعادلة هم السنَّة، لأنهم وحتى هذه اللحظة لم يحددوا موقع خندقهم؛ ناهيك عن حفرة، ومع أنهم يقودون ما يسمى بقوى 14 آذار، إلا أنهم لا يملكون زمام المبادرة ولا القرار، بل يجدون أنفسهم في مرمى سهام المخوِّنين من الأطراف الأخرى، ولعل استهداف الرئيس الحريري دون غيره من المعارضين لسوريا من الأصوات العالية أمثال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط كان بسبب ضعفه"العسكري"، وأنه لا يملك عصابة، أو ميليشيا، أو"مقاومة"لرد الصاع، وزعزعة الأمن والاستقرار في البلد.

* إقليمياً:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام