فهرس الكتاب
الصفحة 271 من 477

خالد بركات

طوال نصف القرن الثاني من القرن العشرين.. لا يفتأ حلم الهجرة يداعب عقول الشباب في الوطن العربي على امتداد أقطاره.. يدفعهم إلى ذلك صعوبات كثيرة تواجههم في أوطانهم الأم، من بينها التكافؤ في الحصول على فرص العمل والدخل المحدود وتدني الخدمات الاجتماعية ونقص الحريات.

وعادة ما ترتبط أحلام المهجر في رؤوس الشباب بالثراء السريع والكفاءة العلمية والوجاهة الاجتماعية، إضافة إلى متعة الانتماء إلى الحضارة المنتصرة، وهو الأمر الذي يوقعهم كثيرا ضحية لإعلانات الهجرة المضللة التي تنشر في الجرائد، وتستغل الطموح الزائد وقلة الخبرة لدى الشباب لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

ولكن ما حدث بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 دفع الكثيرين إلى التروي قبل الإقدام على المغامرة التي اعتادوا القيام بها قبل التهيؤ لها، ودفعهم أيضا إلى مراجعة انبهارهم ببلاد المهجر التي لم تعد الفردوس المفقود للمهاجرين.

وفي لقاء مع مجموعة من الشباب الذين يسعون إلى الهجرة يقول"سامي علي"الحاصل على بكالوريوس السياحة والفنادق من جامعة حلوان بمصر: تخرجت منذ خمسة أعوام وحتى الآن لا أجد الوظيفة المناسبة، وتراودني فكرة الهجرة لأي دولة أجنبية، وسمعت من أصدقائي عن إمكانية النجاح في الخارج وسهولة الحصول على عمل بأجر مجزٍ، ولكنني الآن أفكر كثيرا بعد ما حدث في أمريكا خلال العام الماضي، فكثير من زملائي رجعوا من هناك، وهم يتحدثون عن سوء المعاملة وجلسات التحقيق، ونظرات الناس التي تلاحقهم في الشوارع بارتياب، والتي قد يصحبها أيضا دفعة باليد، أو سبة باللسان أو قذفة بحجر.

ويقول"يسري أحمد خليل"وهو موظف في إحدى شركات القطاع العام المصري: سافرت في الصيف إلى عدة دول أوروبية مثل هولندا وفرنسا وكندا، وانبهرت بهذه الدول جدا، فهي أكثر تنظيما وللأسف الشديد هي أيضا أكثر عدالة من الدول العربية، فلا يوجد لديهم منطق الواسطة في الحصول على فرص العمل، وطريق النجاح هناك واضح ومستقيم، وهو العمل الجاد، وليس العلاقات الشخصية، أو الرشوة والمحسوبيات، ولهذا السبب أحاول الحصول على فرصة للهجرة إلى أوروبا، وتقدمت بطلب هجرة إلى أمريكا ولكنه رفض وحمدت الله على ذلك حين وقعت أحداث سبتمبر.

ويقول صلاح الدين رمضان - 31عاما وعاطل عن العمل: فشلت طوال عشر سنوات في الحصول على فرصة عمل ثابتة ومستقرة، وما أزال أبحث عن فرصة عمل تضمن لي دخلا جيدا لأكوّن أسرة، وأثناء بحثي في الصحف عن فرص العمل أطالع كثيرا إعلانات الهجرة، وأقرأ عن المكاتب التي تساعد على السفر، ورغم أن الحلم يداعبني كثيرا، ولكن قلبي لا يطمئن لهذه الإعلانات، وخاصة أنني سمعت أن كثيرين من الشباب دفعوا أموالا من دون طائل.

أما عادل شفيق - مصمم أزياء - فيقول: نسمع أن الأجور في الولايات المتحدة مرتفعة جدا في مهنة مثل مهنتي، وتصل في بعض الأحيان إلى عشرين ألف دولار شهريا، وهو رقم خيالي، ولكن لا أعرف مدى تقبل المجتمع الأمريكي للعرب والمسلمين بعد أحداث 11سبتمبر.

الهجرة العشوائية:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام