فهرس الكتاب
الصفحة 208 من 477

م. عبد اللطيف البريجاوي

عندما كنت أقرأ في بعض المعاجم اللغوية وقع بصري على معنى كلمة السياحة وهي من فعل سيح فوجدت أن لها معان عديدة ومتنوعة حيث وجدت لها معنى يشابه المصطلح الذي ظهر مؤخرا وهو السير في الأرض.

ورحت أسأل نفسي إذا كانت السياحة بهذا المعنى فإن الله أمرنا بالسير في الأرض في كثير من الآيات البينات الواضحات.

ثم إنني تتبعت هذه المعاني في القرآن الكريم لأصل إلى الفوائد المرجوة من هذا السير فوجدت أن الفوائد الإسلامية من السير في الأرض أو (السياحة كما يقولون) متعددة منها:

1-الإستبصار والتذكر والاعتبار قال - تعالى -"قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين"الأنعام (11)

"قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير"النمل (20) .

2-التعارف بين هذه الشعوب وغيرها و التواصل الذي يؤدي إلى احتكاك مباشر ينشأ منه خير عظيم"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" (13) الحجرات.

3-المتعة والفائدة وإدخال البهجة للنفوس"أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أءله مع الله بل هم قوم يعدلون (60) "النمل. فمن يسير في الأرض ويرتحل يرى تلك الحدائق التي تضفي البهجة والسرور على النفس.

4-الدعوة إلى الله - سبحانه - وبيان الإسلام وما سار الصحابة في كل هذه الأرضين إلا رغبة منهم في الدعوة إلى الله - سبحانه -.

لكنه انتشرت في الآونة الأخيرة أنواع من فنون السياحة المختلفة والتي يطوف بعض الناس من خلال هذه الفنون بلاد العالم يتطلعون إلى الآثار الغابرة وينتقلون من مكان إلى آخر في العالم يصورون ويتصورون ويمدحون هذه الحضارة أو تلك ويكتبون عنها الذكريات يمرون بأبي الهول فينحنون أمامه ويشيدون بمن أنشأه ويصعدون الإهرامات وهم منبهرون بهذا البناء الفريد ويذهبون إلى تدمر وبصرى الشام وما تبقى من إيوان كسرى كل ذلك في إعجاب منهم بهذه الحضارات والأعجب من ذلك أنهم يأتون من بلاد بعيدة ويزورون المساجد المختلفة وينبهرون بالصناعة العمرانية الرائعة دون أن يتجاوز أحدهم خلف هذه الروعة العمرانية ليخترق وينطلق ويفكر لماذا بنيت هذه المساجد ولماذا دمرت هذه الحضارة أو تلك.

شاهدت الكثير من هؤلاء السياح في بلاد عديدة لكنني لم أجد ذلك السائح الذي يحول سياحته إلى فكرة وإلى عبرة أو إلى عبرة يغسل بها الغفلة التي حجبته عن الحقيقة الكبرى...

إن الإسلام يطلب منا أن نسير في الأرض وقد أكد على ذلك في أكثر من موضع ولكنه كان دائما يقفل أمر هذا السير في الأرض بالاعتبار والاستفادة من الدروس السابقة وبيان قهر الله لهذه الحضارة أو تلك وأن الأرض لله يورثها من يشاء عباده الصالحين.

وعن ابن عمر قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم"متفق عليه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام