الخطبة الأولى
الحمد لله الذي سَخّر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه ، إِن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ الحقُ المنعمُ المتفضل رَبُّ العالمين ، جَعَلَ لكم من الفلكِ والأنعام ما تركبون ، لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمةَ ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سَخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد .
فيا أيها الناس:
أتقوا الله تعالى وأعبدوه وأشكروا له إليه ترجعون.
أيها المسلمون:
حديني إليكم في هذه الجمعةِ عن السَّفرِ وآدابهِ وأحكامهِ المهمه والمخالفاتِ التي تقع فيه .
مشعر المسلمين:
لقد مَنَّ الله سبحانه وتعالى علينا بنعمٍ عظيمه ، ومننٍ جسميه ، فله سبحانه الحمدُ في الأولى والآخرةِ وهو الحكيم الخبير .
ما هذا للإسلام وجعلنا من خيرِ أمّةٍ أخرجت للناس ( وما كنا لنهتدي لو لا أن هدنا الله ) .
أَما بعث فينا محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( لقد مَنَّ اللهُ على المؤمنينَ إذ بعثَ فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وأن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبين ) .
أما وهبنا الأمنَ والاطمئنانَ والصحةَ في الأبدان ، ورغدَ العيش قال الله تعالى ( أولم يروا أنا جعلنا حرمناً آمناً ويختطف الناسُ من حوله أفا بالباطل يؤمنون وبنعمه الله هم يكفرون ) .. وقال الله تعالى: ( أولم نمكن لهم حرماً آمناً * إليه ثمراتُ كلِّ شيءٍ رزقناً من لدنا ولكنَّ أكثرهم لا يعلمون) .. ( وإن تعدوا نعمه الله لا تحصوها ) .. ( وما بكم من نعمهٍ فمن الله ) .
أما سَخّر لكم المراتب البرية والبحرية والجوية ، تنقُلكم من مدينةٍ إلى أخرى ، بل من قارةً إلى أخرى وبأسرع الأوقات قال سبحانه: ( والأنعامَ خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافعُ ومنها تأكلون .. ولكم فيها جمالٌ حين تريحونَ وحين تسرحون .. وتحمل أثقالكم إلى بلدٍ لم تكونا بالغيه إلا بشق الأنفس إِن ربكم لرؤوف رحيم .. والخيلَ والبغالَ والحميرَ لتركبوها وزينه ويخلق ما لا تعلمون ) .
أيها المسلمون:
( كم في إيجاد هذه المصنوعاتِ السائرةِ ) وتلك الوسائلِ الباهرة ، من آياتِ الإيمان المتكاثرة ، وكم أسبغَ اللهُ بها على العباد من نعمه الباطنةِ والظاهرة .
وكم في سوءِ استعماِلها من أنواع المخاطرة في الدنيا والآخرة ، فا شكروا الله تعالى على عظيم نعمتهِ ، استخدموا هذه الأشياءَ في طاعته، لتفوزوا برضاهُ وجنتهِ .
أيها المسلمون:
إن السفر هو قطعُ المسافات بنيه السفر وسُمّي سفراً لأنه يُسفرُ عن وجوه المسافرين وأخلاقهم فيُظهر ما كان خافياً منها روى أبن الدنيا أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ رأى رجلاً يُثني على رجل فقال: (أسافرت معه ؟ قال: لا قال أخالطته قال: لا قال: والله الذي لا إله إلا هو ما تعرِفُهُ ) .