د. نهى قاطرجي
إذا كان أذان المغرب يعتبر إيذاناً من الله - عز وجل - بانتهاء النهار وتعبه وبدء الليل وسكونه، وذلك وفقاً لما جاءت به الآية الكريمة:"وجعلنا النهار معاشاً * وجعلنا نومكم سباتاً"، سورة النبأ، الآيتان 9، 10 فإن أذان المغرب في بعض مصايف لبنان يعدّ إيذاناً ببزوغ نهار جديد تبدأ ملامحه بالوضوح بعد صلاة العشاء ليصل إلى ذروته بعد الساعة الثانية عشر ليلاً، ولينتهي مع صوت المؤذن وهو يصدح بأذان الفجر.
إن هذا الوضع باتت تتسابق على تطبيقه مصايف لبنان والذي يعتبره البعض عملاً إيجابياً لما فيه من تشجيع للسياحة، وباتت البلديات تنفق لأجله الأموال الطائلة، كما تقدم من أجل تشجيعه التسهيلات العديدة لأصحاب رؤوس الأموال من أجل استثمار أموالهم في مناطق أراضي هذه البلديات.
إن مما يُلحظ في هذا الموضوع هو اقتصار الخدمات السياحية، في مفهوم البعض، على المقاهي والمطاعم والنوادي الليلية المختلفة الأشكال والديكورات والأسماء، حتى أن بعض هذه المقاهي لم تعد تكتف باحتكار البر بل انتقلت إلى البحر والسماء، في محاولة منها لجلب أكبر عدد من الزوار، فتجد هنا سفينة راسية يخدمها بحارة يعملون على تأمين الراحة للمسافرين... وهناك مطعم استعار من الجنة اسمها، وحوّل اللبن المصفى إلى خمر ومنكر... وهنالك...
إن هذا الوضع الذي يزداد خطورة سنة بعد سنة يستدعي منّا وقفة محاسبة أمام محاولة البعض تلبيس الحق بالباطل عبر الادعاء بأن ما يحدث هو ظاهرة سياحية، وأنه لو لم يكن الأمر كذلك لفقد الوطن نسبة كبيرة من الدخل الذي يحتاجه لسد العجز المالي الذي يعانيه، ولتحولت بالتالي تلك السياحة إلى بلدان ومناطق أخرى يجد فيها السائح سعادته وينفق فيها ماله، وأن السياحة تعتبر مورداً أساسياً للبنان الذي لا يملك من الموارد الصناعية والتجارية والزراعية ما يملك منها غيره، لذا تميّز لبنان عن غيره بالخدمات السياحية والمناخ اللطيف.
وفي محاولة لردّ مزاعم هؤلاء نقول ما يلي:
1-كذب الادعاء بأن ما يحصل ليس بأمر جديد، إذ إن هذا أمر لا يمكن الأخذ به على إطلاقه، ذلك لأن الفساد والإباحية المنتشرَين اليوم لم يُعرفا على هذا النحو من الوضوح والمجاهرة من قبل، فلقد كان للسهر ولفعل المنكرات أماكن خاصة معروفة مستترة عن الأعين، لا يدخلها إلا من يقصدها، في حين تبقى المناطق الأخرى في منأى عن الفساد، مما يتيح للسائح الذي يبحث عن السياحة الحقيقية الموجودة في الطبيعة والمناخ المعتدل أن يقضي عطلة ممتعة في ظل إحساس تام بالأمان له ولعائلته.