فهرس الكتاب
الصفحة 419 من 477

دلفنا من دهليز يأخذنا قسَراً إلى باب الطائرة فإذا امرأةٌ نصف جسدها مستور! تدعى مضيفة تقف على باب الطائرة لاستقبالنا وتحني رأسها سروراً برؤيتنا؛ أما أنا فكنت فظاً غليظ القلب ذا وجه صفيقٍ مقطب الجبين فانفضت من حولي.. وأما صاحبي فترقيعاً منه موقفي المشين؛حيّاها وكأنه يقول لها ما قال لصاحبتها من قبل! وكأنه يقول:

هذه مصيبة تورطتُ فيها إذ قبلت أن أسافر مع هذا (البلية) !.

استقلت الطائرة في كبد السماء.. وكنت أتوقع أن أسمع دعاء السفر كما تعودت سماعه في طائرات بلادي عذباً ندياً فلم أسمعه. وظللنا نتبادل النظرات وحركات الحواجب أنا وصاحبي عن بُعدٍ؛ والابتسامات هي الرسول بيننا فقد فرقوا بيننا في المضاجع!.

لحظاتٌ ساكنة مرت بي.. وفجأة أحسست برأسي يدور؛ والصداع يكاد يفجر رأسي عندما شممت رائحة أشبه ما تكون برائحة الصرف الصحي في إحدى شوارع (الثقبة) إذا طفح الكيل!، عرفت فيما بعد أنها رائحة خمرٍ؛ رغب أحد المسافرين (الأفاضل) تعديل مزاجه به كونه يُقدّم مجاناً على متن الطائرة! قاتله الله؛ إذ كيف يسعى في جنونٍ مَن عَقَل!..

والله لو ركب الإنسانُ حماراً وكان له عقلٌ (أعني الإنسانَ وليس الحمار) ! لما تجرأ على أن يعصي الله - تعالى -؛ فكيف وهو معلقٌ بين السماء والأرض ويعلم أنه بخطأٍ ضئيلٍ أو خللٍ فنيٍ يحدثُ في الطائرة سينتقل مباشرة إلى الدار الآخرة!.

وصلنا إلى مطار (دبي) بعد أن بلغت الروحُ الحلقومَ وكان هذا حوالي الساعة 8: 15 مساءً.. ومدة الرحلة لم تتجاوز (50 دقيقة) كأنها بالنسبة لي أيامٌ طوال! ولولا أنني حملت معي أحب الأشياء إلى نفسي لأنصدع قلبي من الهمِّ.. فقد كان معي (مصحفي) الذي بحجم الجيب.. أنهلُ من آياته؛ وأتلذذُّ بخطابِ ربي جل و- تعالى - فكان نعم الأنيس ولولاه لمتُ كمداً..

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام