فهرس الكتاب
الصفحة 420 من 477

وُدعنا بمثل ما استُقبلنا به من حفاوةٍ وتكريم من قبل طاقم الطائرة! وقمنا بتعديل ساعاتنا بجعلها تتخطى حاجز الزمن بساعة.. فأصبحنا في طرفة عين في الساعة 9: 20 دقيقة مساءً … لقد بلغ إعجابي منتهاه بفخامة مطار (دبي) .. جمال البناء؛ ونظافة الردهات والممرات؛ والتنظيم البالغ الدقة وأحسن ما في ذلك أنك لا تشم هناك رائحة التدخين أبداً.. والناس لا يزاحم بعضهم بعضاً! ولا يرتكبون المجازر التي اعتدنا على رؤيتها في المطارات (…) كي يصعدوا الطائرة قبل الآخرين أو يستلموا (عفشهم) قبلهم! بل لا تكاد تسمع صوتاً؛ أعجبني هذا.. وكدت أفرح له غير أنني عدت لكآبتي مرة أخرى بل أشد وأنكى.. لقد رأيت هذه المرة منظراً يعجز لساني عن وصفه فتركت القلم يعبر عنه قبل أن يجف حبره كما جف ريقي في حلقي من قبل! منظراً.. لم أتمالك نفسي إذ رأيته أن أجهشت بالبكاء حسرة وغماً!.. انه منظر زجاجات الخمور التي تعج بها معارض المطار وكأنهم يتحدون الله - تعالى -! ؛ أجزم بأنهم لا يؤمنون بقوله - تعالى - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) نظر إليَّ صاحبي وهز رأسه.. ولسان حاله يقول: كان الله في عونك وجبر مصيبتك!!. استقبلنا أحد الزملاء الأفاضل؛وهو صديق لرفيق رحلتي؛ فأنستنا ابتسامته وحسن استقباله وبشاشته وأدبه الكريم شيئاً مما ألمّ بنا وآلمنا.

أوصلنا إلى الشارقة، ولاحظتُ عند إحدى إشارات المرور رجلاً جالساً على كرسي يحمل بيديه صحيفة يقرؤها في منتصف الليل فقلت في نفسي هذا مجنون؛ والغريب في الأمر أنني الوحيد الذي أخرج رأسه من زجاج السيارة لينظر إلى هذا الرجل؛ أما بقية الناس فيمرون به دون أن يعيروه أدنى انتباه وكأنه أمرٌ عادي؛ فتعجبت واستحييت أن أسأل عنه صاحبيَّ؛ وعند إشارة أخرى رأيت نفس الرجل واقفاً وبيده الصحيفة فلما دققت النظر فإذا به تمثال فأخبرت أصحابي فانفجروا بالضحك من ضيق أفقي؛ فنزلنا في فندق تزينه أربع نجمات يتكون من 18طابقاً واسمه () يقف على بابه صاحبنا التمثال وبيده صحيفته …

وصعدنا إلى الدور السادس عشر ليكون مقر نزلنا؛ وكانت الغرفة التي نسكنها تطل على الشارقة من الجهة الشمالية الشرقية، فترى منظراً جميلاً جد جميل..

ترى على امتداد البصر عماراتها الشاهقة وحسن تصميمها؛ والأنوار تزينها بالليل وكأنها عقد لؤلؤ يتلألأ على نحر حسناء.. ثم تنظر بعيداً لترى شاطئ البحر بخضرته الداكنة وكأنه يحرس المدينة.. نمنا ليلتنا تلك بسلام.. ثم في صباح اليوم التالي.. هزنا الطرب إلى تناول قهوة تركية وملحقاتها في بهو الفندق ويدعونه"اللوبي"فذكرت بهذا الاسم اسماً؛ كلُّ الكوارث في الدنيا والحروب المدمرة تنبعُ من تحت قدميه وهو اللوبي الصهيوني في أمريكا الظالمة!!. فهون صاحبي عليَّ الأمر وقال لي ما معناه: لا تكن رجعياً هذا بهو الفندق والسلام!!

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام