نعم، سافروا للخير والفضيلة والدعوة والإصلاح، فلا غضاضة عليكم، وكونوا ممثلين لبلادكم الإسلامية، مظهرين لدينكم، داعين إلى مبادئه السمحة حيث يتخبط العالم بحثاً عن دين يكفل له الحرية والسلام، ولن يجده إلا في ظل الإسلام. فكونوا ـ أيها المسافرون ـ سفراءَ لدينكم وبلادكم وأمتكم، مثِّلوا الإسلام بأحسن تمثيل، حذار أن يفهم العالم عن المسلمين وشبابهم أنهم أرباب شهوات وصرعى ملذات، بل أفهموه بسلوككم وعرفوه بأخلاقكم أنكم حملة رسالة وأرباب أعلى وأغلى هدفٍ وأشرف غاية، وأصحاب شخصية فذة وشريعة خالدة ودين يرعى العقيدة والقيم والمثل والأخلاق والفضائل، ويدير الحياة عن طريق الحق والعدل والسلام، ويبحث عما يكفل للعالم الرقي والتقدم والحضارة.
ألا فاتقوا الله عباد الله،"وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ" [البقرة: 281] .
اللهم انفعنا وارفعنا بالقرآن العظيم، وبارك لنا في سنة سيد المرسلين، وثبتنا على الصراط المستقيم، وأجرنا من العذاب الأليم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه كان عليماً غفوراً.
[1] انظر: الغرر السافر للزركشي (ص291ـ ضمن مجلة الحكمة العدد العاشر ـ) .
[2] أخرجه البخاري في الحج (1804) ، ومسلم في الإمارة (1927) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[3] أخرجه البخاري في الحج (1862) ، ومسلم في الحج (1341) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
[4] كتاب الزكاة، باب: قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها (1015) .
الخطبة الثانية:
الحمد لله تعاظم ملكوته فاقتدر، وعزَّ سلطانه فقهر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أمرنا بتقواه في الحضر والسفر، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه السادة الغُرر، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما اتصلت عين بنظر، وأذن بخبر، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإن يد الله مع الجماعة، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.