فهرس الكتاب
الصفحة 278 من 477

وإذا انبلج عليه السَحَرُ وهو في سفره قال ما جاء في حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في سفر وأسحر يقول:سَمِع سامعٌ بحمد الله وحُسْن بلائه علينا، ربَّنَا صاحبْنَا وأَفْضِلْ علينا، عائذا بالله من النار)رواه مسلم. ومعناه: ليسمع سامع، ويشهد شاهد بحمدنا لربنا على نعمته، ثم يطلب حفظه وإعانته، ويتعوذ من النار.

فإذا نزل منزلا فاستعاذ بالله تعالى فإنه سبحانه يعيذه من شرور ذلك المكان وآفاته؛ كما قالت خولة السلمية ـ رضي الله عنها ـ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك)رواه مسلم.

ويشرع للمسافر أن يكثر من الدعاء لنفسه وأهله وولده والمسلمين؛ لأن دعوة المسافر مرجوة الإجابة؛ كما جاء في حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد ودعوة المسافر ودعوة المظلوم) رواه أبو داود وصححه ابن حبان.

وعلى المسافر أن يتقي الله تعالى في سفره، فيلزم طاعته، ويجتنب معصيته، ويعتز بدينه، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويحفظ سمعه وبصره وجوارحه عما حرم الله تعالى عليه، فإنه إن كان غائبا عن أعين من يخافهم أو يستحي منهم فإن الله تعالى مطلع عليه، عالم بأقواله وأفعاله [إِنَّهُ يَعْلَمُ الجَهْرَ مِنَ القَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ] {الأنبياء:110} وفي أخرى [إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا] {الأحزاب:54} وفي ثالثة [يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ] {غافر:19} والملائكة الكرام يحصون عليه أفعاله وأقواله [مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ] {ق:18} [وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ] {الانفطار:12} .

وليحفظ أهله وولده؛ فإنهم رعيته، وأمانة الله تعالى عنده، والله تعالى قد أمرنا بأداء الأمانات، وبحفظ الأهل مما يوجب عذابه سبحانه [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ] {التَّحريم:6} . أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يرزقنا العمل بما علمنا، إنه سميع مجيب.

وأقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم...

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام