فهرس الكتاب
الصفحة 279 من 477

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا] {الأحزاب:71} .

أيها المسلمون: يشرع للمسافر إذا قفل من سفره أن يكبر الله تعالى ويهلله ويحمده كلما علا مرتفعا حتى يبلغ بلده؛ كما جاء في حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة إذا أوفى على ثنية أو فَدْفَدٍ كبر ثلاثا، ثم قال: لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)رواه الشيخان. وفي رواية لمسلم: (فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة) .

والمسافر منهي عن مفاجأة أهله ليلا بمجيئه؛ لئلا يقع بصره على ما يكره من شعث امرأته أو ولده، أو عدم نظافة منزله، أو عدم تهيئة فراشه؛ فإن من عادة المرأة تبسطها في بيتها إذا غاب زوجها، واستعدادها له إذا علمت بمقدمه، وهذا مما يؤلف بين الزوجين. ووقوع عين الزوج على ما يكره من بيته أو زوجه أو ولده قد يؤدي إلى النفرة بينهما؛ والشارع الحكيم قد سدَّ منافذ الشقاق بين الزوجين، ودعا إلى ما يؤلف بينهما.

عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يطرق أهله ليلا، وكان يأتيهم غدوة أو عشية)رواه الشيخان.

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا يتخونهم أو يلتمس عثراتهم)

وفي لفظ قال جابر ـ رضي الله عنه ـ:كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فلما قدمنا المدينة ذهبنا لندخل فقال: أمهلوا حتى ندخل ليلا، أي: عشاء؛ كي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة)رواه الشيخان.

ومن أعلم أهله بوقت وصوله فإن النهي لا يتناوله، ومن نعم الله تعالى على الناس ما يسر لهم من وسائل الاتصال التي تزيل كثيرا من الحرج في ذلك.

والسنة إذا عاد من سفره فبلغ بلده أن يبدأ بالمسجد قبل بيته فيصلي فيه ركعتين؛ لما روى كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فيركع فيه ركعتين) وروى جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ فقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فلما قدمنا المدينة قال لي: ادخل المسجد فصل ركعتين)رواه الشيخان.

ومن السنة أن يولم بعد عودته وليمة تسمى النقيعة، وهي وليمة يقيمها العائد من السفر، ويدعو الناس إليها، روى جابر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة نحر جزورا أو بقرة) وفي رواية قال جابر ـ رضي الله عنه ـ: فلما قدم صِرارا-وهو موضع بظاهر المدينة- أمر ببقرة فذبحت فأكلوا منها)رواه الشيخان. وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ لا يصوم أول قدومه من السفر لأجل الذين يغشونه للسلام عليه والتهنئة بالقدوم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام