فهرس الكتاب
الصفحة 238 من 477

أما ثالثا: فدُونكَ حبلُ الأمنِ الممزق،، وجدارُ الحِمايةِ المتصدع، بفعلِ عِصاباتِ الإجرامِ، وشُذُاذِ الآفاقِ، ومُروجِي المخدرات، وقُطَّاعِ الطريق، إلى كلِّ مُروءةٍ وأمانة، فلقد سَهُلت وسائلُ الاتصال، وحريةَ الانتقالِ لأولئكَ المُجرِمين، إنشاءَ عصاباتٍ وشبكاتٍ إجراميةٍ، مُدربةً لتنفثَ سُمُومها، وتُمارِسُ مُجونِها، وتنشرُ أخطارَها وآثارَها في كلِّ مكانٍ بوسائل عدة، ومسمياتٍ شتَّى، أعجبُها وأسخفُها مُسمَّى السياحة!!

أيُّها المسلمون:

وتبقى قضيةً بالغةَ الخُطورَةِ، وهي البعدُ النفسي للسائحِ الأجنبي، فالسائحُ في العُرفِ العالمي، هُو كائنٌ بشريٌّ مُدلل، يَجبُ أن تفرشَ لهُ الأرضَ ورُودَاً ورياحين، وأن تُسخِرَ كلَّ الإمكاناتِ من أجلِ عينيهِ، وإرضاءً لغرورهِ، وإشباعاً لغرائزهِ، وتلبيةً لنزواتِهِ، ويجبُ أن توفرَ لَهُ الحمايةَ الكافيةَ، ليُمارِسَ عربَدَتَهُ وفجوره، فلا غُرو أن تسمعَ عن إنشاءِ الشرطةِ السياحيةِ المناطِ بها السهرَ على حمايتهِ ورعايته، حتى لا يجرؤ إنسانٌ على إيذائهِ، أو تعكيرَ صفوَ مزاجهِ أو حتى مُطالبتهِ باحترامِ حُقوقِ الآخرين، كلُّ ذلكَ من أجلِ بريقٍ دنانيرهُ التي تملأُ جيوبه، ثُمَّ هُو شاعرٌ في قرارةِ نفسهِ أنَّهُ زائرٌ ثمين، مُرحبٌ فيه، مرغُوبٌ في طولِ إقامتهِ، فيُقدِمُ عليك بسُحنتهِ الشقراء، ونظارتِهِ السوداء، وفخذهِ العارية، فلا تسل بعدَ ذلكَ عن حجمِ تجاوزاتِهِ، ومبلغِ انتهاكاتِهِ لحُرمَاتِ الدين وحقوقَ العباد، واستفزازهِ لمشاعرِ كُلِّ حُرٍ غيور.

فيا شديدُ الطولِ والإنعامِ *** إليكَ نشكُو غُربةَ الإسلام!!

أيُّها المسلمون:

ألا إنَّ من العجائبِ ما يُردِدُهُ أقوامٌ لا خلاقَ لهم، يدعُونَنَا نحنُ المُسلمينَ في هذهِ الجزيرةِ المُباركةِ، جزيرةَ الإسلامِ ومعقلِ التوحيد، إلى اقتفاءِ آثارِ أولئكَ التائهين، وفتحِ المجالِ للسياحةِ الأجنبية، ومنافسةِ العَواصِمِ العالميةِ في استقطابِ أكبرَ قدرٍ مُمكنٍ من العلوجِ النصارى، وشُذَاذِ الآفاقِ بدعوى التنشيطِ الاقتصادي، وتعريفِ العالمِ بآثارِنِا وثقافاتِنِا، دعوةُ بعضِ الفَارِغِينَ إلى مُحاكاةِ الجهلةِ والمُتاجرينَ بالعقائد، في إحياءِ قُبورٍ عفا عليها الزمن، وسدانةِ مشاهدَ طواها النسيان، وإنَّهُ لم يكُن يوماً في تاريخِ الأمةِ أن افتخرَ حُماةُ التوحيدِ وحراسُ العقيدةِ بمشهدٍ من المشاهِدِ، أو مزارٍ من المزاراتِ، فضلاً عن التفكيرِ في تسييرِ زياراتٍ منظمة، إلى كهوفٍ وغيران، وجبالٍ ووديان، أو التزاحُمِ حولَ ديارِ القومِ المُعذَبَين كالآثارِ الثمودية، أو القبورِ الحاتميةِ الطائية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام