ونشطت نتيجةً لذلكَ دوائرُ السياحةِ في البلادِ المذكورةِ، في الترويحِ لأماكنِ الجَذبِ السياحي، عبرَ حملاتٍ دَعَائيةٍ ضخمة، مُصاحبةً بصورٍ ومناظرَ التُقطت بعناية، لمشاهدَ وثنية، ومزاراتٍ شركية، وأضرِحَةٍ وقبور، وبقايا العُصورِ والدُهُور، واجتهد القَائِمون على ذلكَ الإسفافِ المُهين، في تقديمِ كلِّ ما يهواهُ الآخرون، دُونَ أدنى نظرٍ لحلالٍ أو حرام، أو جائزٍ أو مكروه، فالمهمُ هُو إرضاءُ ذلكَ السائح، وإشباعُ فضولهِ، واستجداؤهُ بأن يكررَ الزيارةَ كلَّ عام، ووصلَ الأمرُ أن أصبحَ ضمنَ البرامجَ السياحية، ترتيبَ زياراتٍ على مدارِ الساعة، لزيارةِ المَساجِدِ والجوامعِ الشهيرة، والتقاطَ الصُورِ التذكاريةِ داخلَ أسوارها، وتحتَ منابِرِها في استخفافٍ مُهين، لقدسيةِ تلك البقاع، واستفزازٍ همجيٍ لشعورِ كلِّ مُسلم أبيّ.
أيُّها الأحبةُ في الله: وليس بخافٍ على كلِّ ذي لب، الآثارَ الخطيرةِ التي عانت ولا تزالُ تُعاني منها تلك البلاد، التي فتحت أبوَابها أمام السياحةِ الأجنبية، والتي تتخلص أولاً:
بسقوطِ حاجزَ النُفرةِ مع الأعداء، وذوبانِ عقيدةَ الولاءِ والبراء، فالكفارُ المُحارِبُون، والمُشرِكُون الوثنيون، أصبحوا يُشاطِرُون أبناءَ التوحيدِ مساكنهم، ويُقاسِمُونَهم لقمةَ عيشهم، ويلهُو صِبيَانَهم جميعاً فوقَ أرجوحةٍ واحدة، فهل بقيَ للدينِ بقيةً بعد سُقُوطِ هذا الأصلِ الأصيل، والركنِ الركين؟؟
أليسَ اللهُ - تعالى -يقول: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ ) ) (سورة الممتحنة: 1) .
فماذا بقيَ من الولايةِ والمودة؟!! لم نُؤثِرُهم بها، وقد شَاطَرونا كِسرةَ الخُبزِ وشربةَ الماء، واختلطت أنفَاسُنا بأنفاسِهم، واصطكَّت أكتافُنا بأكتافِهم في شَوارِعنا وأسواقِنَا، بل أيُّ سياجٍ سيبقى لحمى التوحيدِ، وصفاءَ العقيدةِ، ومللَ الكُفرِ، تحيطُ بأبناءِ المُسلمينَ من كلِّ جانب، فهذهِ صُلبانٌ تلمع، وتلكَ نواقيسُ تُضرب، وهاتِيكَ أبواقٌ تُنفخ، أيُّ توحيدٍ سيبقى وجيوشٌ من المُنصرِين ستزحفُ تحتَ غطاءِ تبادلِ الثقافات، وتعارفِ الشُعوبِ، واستكشافِ المجهُولِ، وهي تحملُ الأناجيلَ، ونشراتِ التبشيرِ والتخدير، والإلحادِ والكُفر، لتُغرِقَ بها بيوتَ المُسلمين، حقائِبُهم وجيوبهم؟!!
أما ثانيا: فلا تسل عن الانحدارِ الأخلاقي الذي آل ويؤولُ إليه أبناءُ الأمة، وقد وفدَ إلى بلادِهم أُناسٌ يَحمِلونَ كلَّ شيءٍ إلاَّ الفضيلة، ويتحلونَ بكلِّ شيءٍ إلاَّ العفة، ويمتازُونَ بكلِّ شيءٍ إلاَّ بالخلقِ النظيف، كم هن البغايا اللاتي سيفدنَ إلى ديارِ الإسلامِ باسمِ السِياحةِ واكتشافِ الجديد؟!! كم هُم حملةُ الأرجاسِ والأنجاس؟ الذين سيَغرِقُون شوارعَ المسلمين بعُريِّهم وتفسُخهم وانحِلالِهم ومجُونِهم؟!
فليتَ شِعري من أباحَ ذلك *** وورّطَ الأمةَ في المهالك