فهرس الكتاب
الصفحة 212 من 477

وأن استدلالهم على انفلات وسفاهة الشباب والشابات بما حصل في حي الفيصلية بالرياض، وما حصل في حي الهنداوية أو الكرنتينة في جدة، وما يحصل في بعض الشوارع في الدمام وغيرها من المناطق أيام الأعياد وساعات الخروج من الملاعب، وغير هذه الوقائع وتلك المشاهد، فكل هذا مبالغ فيه، وإعطاء الأمور أكبر من حجمها، وجعل من الحبة قبة.

وكذلك استدلالهم على خطر السفاهة والانفلات بقوله I: [مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذي في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعاً] .

فهذا الاستدلال من هؤلاء الغيورين وأولئك الناصحين في غير محله، فالمجتمع ليس إلى هذا الحد، ولم يصل إلى هذا المستوى!

فهذه جناية المسؤول الصغير على المجتمع، وعلى الناس، وجنايته على الأمن والأمان، ومستقبل الشباب، وهذه جنايته على سمعة الشعب السعودي في أعين الوافدين، فهؤلاء الوافدين وصلوا وفي مخيلتهم مجتمع متدين لا يتنازل عن مبادئ دينه ولا تعرف السفاهة والسخافة لأخلاقه طريقًا شعب لم يخترق فكريًّا، ولم تغزوه جراثيم الحضارة الغربية، بل أخذ ما عندها من تقدم في العلوم الطبيعية والتجريبية، ونبذ ما لديها من تخلف في العلوم الإنسانية.

يتوقع القادم من خارج الحدود أن شباب هذا البلد الإسلامي متمسك بدينه، ومعتز بلغته، وقابض على هويته، فلا يتوقع الغريب أن يرى شباب هذا المجتمع يرتدي الجينز حيث وجد نفسه فيه، ولا يتصور أن يبصر شبابًا يلبسون لباساً تعلوه صورة لأحد مشاهير الغرب وباللغة الإنجليزية التي في الغالب لا يفهم معانيها ويشعر أثناء ذلك بالزهو، ويرى أن ذلك علامة الرقي والانتماء إلى التحضر! مظهرية جوفاء، ولهذا لا يعرف كيف صنع حزام البنطلون، ولا يدري من أي شيء صنع زرار القميص.

وقد أشار بعض المدركين لهذه المفارقة العجيبة والمظهرية الجوفاء بقوله:"أخذنا منهم السيجارة وما عرفنا نصنع السيارة".

وإن أبدى المسؤول الصغير خلاف هذه المفارقة، ونفى هذه المظهرية الجوفاء عند شبابنا، وأظهر عن سطحيته في تفسير الظواهر الاجتماعية، وأبان عن قصر نظره، وهذا من حسن الظن به وإلا في الحقيقة الكثير من هؤلاء معجب بالمظاهر الغربية ويرى أن المظهر الغربي طريق للتصنيع والتقنية والحضارة.

عوداً إلى الأجنبي وعلى الوافد من خارج الحدود، فلو سمح له بطرح المجاملة وتبني الصراحة لقال:"إ ن طمس الشاه ملك إيران لصورة الجمل ومحاربته لهذا الرمز كانت أضحوكة الأجانب في إيران، ومادة لسخريتهم من ملك يحارب جملاً تشبهاً بالغرب، وفي نفس الوقت الغرب يفتخر بتربية الفئران والجرذان ويقيم التجارب عليها ليستفيد منها".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام