فهرس الكتاب
الصفحة 129 من 477

فإظهار الفرح والسرور في أيام العيد بما ذكر من غناء البنات الصغيرات بأناشيد خالية من الكلام المحرم وكان إنشادهن خالياً من التمايل والتكسر فلا بأس بذلك؛ لأن هذا واقع هذه الرخصة التي ثبتت بالسنة، وكذلك إظهار الفرح والسرور في مناسبات الزواج ثابت شرعاً، يدل على ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم- فيما روته عائشة - رضي الله عنها - أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-:"يا عائشة، ما كان معكم من لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو" (9) .

فهذا النوع من الترويح مباح إذا حصل في أوقات المناسبات السعيدة وبخاصة في العيد أو في الزواج على أن يكون وفق ما وردت به الرخصة.

4-تسلية النفس بالقول المباح، فقد رخصت الشريعة الإسلامية بترويح النفس بالقول المباح كما في المزاح والمداعبة بين الأصحاب والأصدقاء شرط أن يكون ذلك حقاً فلا يشتمل على باطل، فلا مزاح ولا مداعبة بقول محرم، أو بما يثير الأحقاد والعداوة بين الأصدقاء فقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم- يمزح ولكنه لا يقول إلا حقاً.

فقد أتته يوماً عجوز أنصارية، فقالت: يا رسول الله، ادع الله لي أن يدخلني الجنة، فقال لها:"يا أم فلان، إن الجنة لا يدخلها عجوز، فولت المرأة تبكي، فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم- وقال لها: أما قرآت قوله - تعالى: {إنا أنشأناهن إنشاء * فجعلناهن أبكارا * عربا أترابا} [الواقعة: 35-37] ."

وكان رجل من أهل البادية اسمه زاهر يهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم- الهدية من البادية فيجهزه إذا أراد أن يخرج فقال: إن زاهر باديتنا ونحن حاضرته، وكان دميماً فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه ولا يبصره الرجل، فقال: أرسلني، من هذا؟ فالتفت فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم- فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي - صلى الله عليه وسلم- حين عرفه، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: من يشتري العبد، فقال: يا رسول الله، إذاً والله تجدني كاسداً، فقال:"لكن عند الله لست بكاسد"أو قال"لكن عند الله أنت غال" (10) .

والرسول - صلى الله عليه وسلم- في هذا كله لم يقل إلا حقاً، فمثل هذا المزاح تطيب به نفس المخاطب، وتكون المؤانسة.

ولا يجوز الإفراط في المزاح أو المداومة عليه؛ لأنه يشغل عن مهمات الحياة، ويؤذي الناس، ويسقط المهابة والوقار، وينتهي إلى الهذر، والهذر يسقط المروءة.

5-تثبيت أواصر المودة والمحبة بين الزوجين، وما ينمي تلك العلاقة، وما يحصل به الانبساط بينهما، فإن ذلك مشروع ويؤدي إلى أمر مقصود للشارع وهو صلاح الحال بين الزوجين، وبقاء تلك الرابطة على هذا الصلاح، وذلك بالمداعبة والملاعبة بينهما، يدل على ذلك ما رواه عقبة بن عامر أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال:"كل ما يلهو به الرجل المسلم باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امرأته فإنهن من الحق" (11) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام