فهرس الكتاب
الصفحة 128 من 477

أباح الإسلام أموراً كثيرة في مجال اللهو واللعب يمكن للمسلمين أن يجدوا فيها ترويحاً لنفوسهم، وتخفيفاً عنها من أثقال الجد والكد، وفي الوقت نفسه يستغنون بها عن وسائل اللهو المحرم وأساليب الشيطان الصارفة عن ذكر الله وعن الصلاة، وهي مشروعة في الإسلام؛ وذلك لما ينشأ عنها من النفع الخاص أو العام ولا ينتج عنها مفاسد تطغى على تلك المنافع أو المصالح.

وهذا الترويح المشروع مبني على أسس يتحقق بها ما ذكرناه من المنافع والمصالح، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

1-الإعانة على الجهاد في سبيل الله؛ وذلك بالتدرب على آلات القتال والركوب ونحو ذلك، فالجهاد في سبيل الله من أعظم الأمور في الإسلام؛ إذ فيه رفعة الأمة وعلو شأنها، فإنه ذروة سنام الإسلام؛ ولذلك فإن الترويح الذي يكون به عون على الجهاد في سبيل الله مأمور به المسلم شرعاً، مصداقاً لقوله - تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله} [الأنفال: 60] .

وكذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم- لما مر بنفر من أصحابه ينتصلون:"ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً" (4) .

وكذلك فإن السبق مشروع لما ينتج عنه من التدريب على الجهاد والإعانة عليه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- سابق الخيل التي اضمرت من الحضياء وأمدهم ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق.

واللعب بالحراب مشروع أيضاً لما فيه من التدريب على الجهاد ومزاولة ما يعين عليه ولنقرأ في ذلك ما رواه أبو هريرة قال:"بينما الحبشة يلعبون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بحرابهم إذ دخل عمر بن الخطاب فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:"دعهم يا عمر" (5) ."

2-إن هناك نوعاً من الترويح شرع في الإسلام؛ لما فيه من التقوية للجسم، والتعود على الفتوة والخشونة، وترك الرخاوة والنعومة، كما في العدو والمصارعة.

ورد أن ركانة صارع النبي - صلى الله عليه وسلم- فصرعه النبي - صلى الله عليه وسلم- (6) .

وكذلك السباحة فيها تقوية للجسم وترويح كما أنها سبب من أسباب الأمان من الغرق فروي في أثر مرفوع:"كل شيء ليس من ذكر الله - عز وجل - فهو لغو وسهو إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعلم السباحة" (7) .

وروي عن عمر أنه قال:"علموا أولادكم السباحة والرماية".

3-إظهار المرح والسرور في المناسبات السعيدة، فالمناسبات السعيدة كالعيد والزواج أبيح فيها شيء من اللهو والترويح، إذا كان ذلك في نطاق ما شرع الله - تعالى -، وليس فيها شيء مما نهى الله عنه، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت:"دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث، قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:"يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا" (8) ."

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام