فهرس الكتاب
الصفحة 117 من 477

يمنحُها الثقةَ بنفسِها، ويدعوها إلى بذلِ عرضها لأولِ عابرِ سبيلٍ تصادفُه، لتنعَم بالشفاءِ بعد ذلك، أيُّ فرصةٍ تقدمونها أيها المسافرونَ لأولادكم حين تصطحبونَهم إلى بلادٍ ينتشرُ فيها الزنا، ويُتخذُ البغاء تجارةً وحرفةً تتبناها الدولة، وتُمنح لأجلِها التصاريح، وتُجبى من ورائها الضرائب، أيُ جنايةٍ يرتكبُها أربابُ الأسر حين يسافرون بمراهقيهِم والشهوةُ تتأججُ في صدورهم إلى بلادٍ فيها كلُ شيءٍ إلا الفضيلة، وفيها كلُ شيءٍ إلا العفة، وفيها كلُ شيءٍ إلا الطُهرَ والنزاهة، أمَّا حاناتُ الخمور ففي كلِّ شارعٍ وناحيةِ طريق، يشربُها الفُسَّاقُ هناك كما يَشربونَ الماء، ويستنشقونَ روائحَها المنتنة كما يستنشقونَ الهواء، يشربُونها قياماً وقعوداً، جلوساً ورقوداً، غدواً وعشياً وحين يظهرون، فما الذي يردعُ المراهقين الصغارَ والكبار عن طرقِ بابِ التجربة؟ وهم يرونَ إعلاناتِها تملأُ الشوارع، وتُعرض عبرَ وسائلِ الإعلام بطريقةٍ مُغرية وأساليبَ ماكرة.

ما لذي يردعُ مراهقي الشبابِ والكهول عن الرشفةِ الأولى، وخطوةِ الألفِ ميل لتكونَ هي بدايةَ السقوط في شباكِ الإدمان الذي يصعُب علاجُه.

أيها المسافرون: وأمَّا المخدرات، فأنتم تعلمونَ جيداً أنَّ عصاباتِها ومُروجيها لا يكادُ يخلو منها حيٌ من أحياءِ تلك المدنِ البائسة، يتصيدونَ ضحاياهم بأساليب ملتوية وإغراءاتٍ مدروسة، يُقدمونَ المخدرات في يد، والداعراتِ في اليدِ الأخرى، ليقعَ المُغررون في براثنِهم، ويَسقطونَ في أَسارِهم، فلا تكادُ تقومُ لهم قائمةٌ بعد ذلك، فمن ذا الذي يأمنُ على نفسِه، أو على واحدٍ من أولاده أن تزلَّ به القدم، فيقعُ في شباكِ أولئك المجرمين، إما رغبةً تحت مطارقِ الإغراء، أو رهبةً تحت وَقع التهديد والإكراه، وإذا لم تكن تعرفْ ما المخدرات، فالمخدرات: عينان حمروان، وخدَّان غائران، ووجهٌ مُصفر، وجسمٌ هزيل، وعقلٌ معطل، ومروءةٌ ذاهبة، ورجولةٌ ممسوخة، وكرامةٌ مدفونة، وغيرةٌ مغتالة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام