فلا عجبَ إذاً أنْ يخرجَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من بلدهِ وأرضهِ، ثم يقفُ على مشارفِها فيقول: والله يا مكة إنَّك أحبُ البلادِ إلى الله، ولولا أنَّ قومَك أخرجوني ما خرجت، لعلك عرفت الآن أيها المسافر أنَّنا لا ننطلقُ من فراغ، ولا نتقدمُ بين يدي اللهِ ورسولِه، ولكنَّنا ننطلقُ من أدلةٍ شرعية، ونصوصٍ ثابتة تُحرِّمُ السفَر إلى بلادِ الكفار دون مبرراتٍ مشروعة، وأنت تعلمُ - يا رعاك الله-أنَّ للسفرِ ضريبةً غاليةَ الثمن، يدفعُها المسافرُ على حسابِ عقيدتهِ وأخلاقهِ وسلوكه. فمخاطرُ السفر على العقيدةِ والأخلاقِ والسلوك، لا ينكرُها إلا مكابرٌ أو جاهل، أو شخصٌ لا يريدُ أن يفهم، فأمَّا مخاطرهُ العقدية، فأذكرُ منها جانبين فقط. أما الأول: فهو تمييعُ مفهومِ الولاءِ والبراء، وإذابةُ حاجزِ النُفرة من الكُفَّار، والدارسون لقضايا العقيدةِ وأصولِ الدين يدركونَ جيداً، أنَّ معاداةَ الكفارِ وبغضَهم، والنُفرَة منهم وكراهَيتهم، أصلٌ أصيل وركنٌ ركين من أصولِ العقيدة، فإذا كانَ الأمرُ كذلك فلنا أن نتساءلْ، هل من بُغضِ الكفارِ وكراهيتِهم، التسَابقُ إلى السفرِ إلى بلادِهم، والتفاخرُ في طولِ الإقامةِ بين ظهرانيهم؟! أجيبوا أيها المسلمون؟ أفتونا يرحمكم الله! وأمَّا الجانبُ الثاني: من خطرِه العقدي فهو تعريضُ الأهلِ والأولاد لمخاطِرَ المنصرين المنتشرينَ كالجراد في أماكنِ تجمعِ السُيَّاح، يهدونهم النشراتِ التنصيريه، ويدعونهم إلى عقيدتِهم الوثنية، واعتقادِ ما فيها من الخرافاتِ البَاطلة والخزعبلاتِ التافهة.
ويُرغبونهم في الذهابِ إلى كنائسِهمُ المهجورة وإحياءِِِ الصلواتِ فيها.
ناهيكَ عن برامجِهمُ الترفيهيةِ المجانية، على أنغام الموسيقى والأناشيد ِالكفرية المؤلهةِ للمسيح، والداعيةِ للتثليث، فلا تسل بعد ذلك عن مدى تأثرِ النساءِ والصبيان، وحتى البالغين بذلك السيلِ الجارف من التنصيرِ المركز.
أيها المسافر: وأمَّا المخاطرُ الأخلاقية: فما ظَنُّك ببلادٍ تَعدُ الفاحشةُ فيها هي الأصل، والعفةُ شذوذٌ وتخلفٌ ورجعية.
وما بالُك ببلادٍ إذا لم تتخذْ الفتاةُ عشيقاً لها بعد البلوغ، فهي مريضة! فهي مريضة بحاجة إلى عرضِها على طبيبِ الأمراضِ النفسية!