فلا إله إلا الله يُنهى رجال أن يتفردوا في شواهق الجبال من أجل عبادة الكبير المتعال ! فهل يعقل أن يؤذن بالسياحة التي يتصور الكثيرون أنهم في حل من الضوابط الشرعية ، والقيم الأخلاقية ؟! ولا سيما أنهم يرون الأسباب مهيأة ، والأبواب مشرعة في بلد السياحة !! كما هو ملحوظ في الدول الغربية بعامة ، حيث يتوافر أماكن اللهو بأنواعه ، وأنواع الشواطئ المختلطة والمتبرجة .. وإذ كنا منهيين عن السياحة التي هي بمفهوم الرهبنة والانقطاع للعبادة مخالفة للنصارى فيما هم عليه من الرهبانية المبتدعة ، فكيف بالسياحة التي يصحبها فسق ومجون ، وتبذير وجنون ، وعربدة وفجور ..سهرات حمراء ، ومراقص نقلدهم ونحاكيهم في المناداة للسياحة العصرية الشهوانية ؟! ألا إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور…لقد صدق فينا قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ.قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ:الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ ؟" ( [5] ) فأي انهزامية بلغناها ؟ وأي مدى من التبعية وصلناها ؟ حتى أصبحنا نأخذ الأمور على عواهنها ، دون مراجعة وتمحيص
فأي جناية يرتكبها الآباء حين يسافرون بأبنائهم وبناتهم والشهوة تتأجج في صدورهم إلى مثل تلك البلاد التي تخلعُ الكرامة والفضيلة ،ويَنْسلخُ الحياء و العفة ، وتنزع الطهارة والنزاهة،فتباشر المعاصي وكأنها شيء مألوف ، فما ظنك بمراهقين ومراهقات تتابعت أمام أعينهم مشاهد مريبة ،أصابتهم بالذهول والدهشة حتى ألفوها ثم اعتادوها ثم عشقوها بعد ذلك حتى اهتزت ثقتهم بمعتقداتهم وقناعاتهم ، ثم أخذت تلك الاعتقادات والقناعات تتهاوى واحدا تلو الآخر مع كل يوم يمر عليها في أرض المصيف فمن الذي يأمن على نفسه أو على أحد من أولاده أن تزل به القدم فيقع في شِباك أولئك الساقطين ويقع في براثن الأعداء فلا تكاد تقوم لهم قائمة بعد ذلك
فإلى الإخوة الذين يحزمون حقائبهم ، ويعدون تذاكرهم ،استعدادا لقضاء الإجازة خارج البلاد أناديهم بنداء الأخوة الإيمانية والوشيجة الربانية لعلنا وإياهم نسمع ..فنعقل ..فنتعظ ..فنتوب ونرجع و نمتثل فنؤجر {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ } الملك10 هل عرفت الآثار المؤلمة والعواقب الوخيمة التي تنتج من جراء سفرك لخارج البلاد ؟ إن كنت لا تعرف فتلك مصيبة ، وإن كنت تعرف فالمصيبة أعظم ..
أما علمت ـ يا رعاك الله ـ أن النفوس البشرية إذا ألفت شيئا واستمرأته ، لم تكد تتحول عنه إلا في صعوبة بالغة ، وبطأ شديد ، لأنها لا تأتي على النفس جملة واحدة ، ولكن النفس تتشربها مرة تلو مرة ثم تأخذ تلك النفوس الضعيفة كل ما يساق إليها مما يضر ولا ينفع ، وينتهي بها الأمر إلى أن تفقد خصائصها الإسلامية ، التي بها قوامها ، ثم تذوب وتضمحل ، ثم لا تسأل بعد ذلك ، عن قيام تلك النفوس الضعيفة بالدعوة إلى إحياء الرذائل والتنكر للفضائل .