وفسرها بعضهم بالمداومة على فعل الطاعات ..أخرج ابن أبي حاتم أن عثمان بن مظعون أراد أن ينظر أيستطيع السياحة ؟! قال: كانوا يعدون السياحة قيام الليل وصيام النهار .
وفسرها بعضهم بالهجرة .. أخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم في قوله { السَّائِحُونَ} التوبة112 قال: هم المهاجرون ليس في أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ سياحة إلا الهجرة وكانت سياحتهم الهجرة حين هاجروا إلى المدينة ليس في أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ترهب .
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:(وفسرت السياحة بالصيام ، وفسرت بالسفر في طلب العلم ، وفسرت بالجهاد ، وفسرت بدوام الطاعة .
والتحقيق فيها أنها سياحة القلب في ذكر الله ومحبته والإنابة إليه والشوق إلى لقائه ويترتب عليها كل ما ذكر من الأفعال ولذلك وصف الله سبحانه نساء النبي اللاتي لو طلق أزواجه بدله بهن بأنهن { سَائِحَاتٍ} التحريم5 وليست سياحتهن جهادا ولا سفرا في طلب علم ولا إدامة صيام وإنما هي سياحة قلوبهن في محبة الله تعالى وخشيته والإنابة إليه وذكره .
وتأمل كيف جعل الله سبحانه التوبة والعبادة قرينتين هذه ترك ما يكره وهذه فعل ما يحب والحمد والسياحة قرينتين هذا الثناء عليه بأوصاف كماله وسياحة اللسان في أفضل ذكره وهذه سياحة القلب في حبه وذكره وإجلاله كما جعل سبحانه العبادة والسياحة قرينتين في صفة الأزواج فهذه عبادة البدن وهذه عبادة القلب ) ( [4] )
وليس المراد من السياحة ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في الأرض والتفرد في شواهق الجبال والكهوف والبراري ، فإن هذا ليس بمشروع إلا في أيام الفتن والزلازل في الدين كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن".