فهرس الكتاب
الصفحة 96 من 143

أمّا الحجّة على الفريق الأوّل من الخوارج؛ فلأنّ الله تعالى فصل بين الشّرك وبين ما دونه، وأخبر أنّ الشرك غير معفوّ، وأطمع في مغفرة ما دونه، حيث علّق غفرانها بالمشيئة، وجائز الوجود يعلّق بالمشيئة دون الممتنع وجودا، ولو كان الكلّ إشراكا لكان خلفا في خبر الله، تعالى عن ذلك.

وأما الحجة على الفريق الثاني، فكذلك، لأنهم جعلوا الكبيرة شركا بمعنى، وذلك المعنى موجود في الصغيرة، وهو قولهم أنه ينقض ما عاهد الله أنْ لا يعصيه، ولا يخالف أمره، والذّنب سواء قلّ أو كثر فهو عصيان، فإمّا أنْ نلزمهم بالإشراك بسبب الصغيرة بهذا المعنى، فتكون الآية حجّة عليهم، أو نلزمهم أن يمتنعوا عن إطلاق اسم الشرك على الكبيرة بهذا المعنى كما في الصغيرة، فتدخل الكبيرة تحت قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 116] ، فتكون الآية حجة عليهم.

وأمّا قولهم: (وإنْ لم يكونوا تائبين، بعد أن لقوا لله تعالى عارفين، وهم في مشيئته وحكمه إنْ شاء غفر لهم، وإنْ شاء عذبهم) ، وهو مذهب أهل السنّة والجماعة؛ أنّ الكبائر والصغائر كلّها في مشيئة الله تعالى، إن شاء عذّب عليها بعدله، وإنْ شاء عفا عنهم بما معهم من الإيمان.

وأما قولهم: (وإنْ شاء عذبهم في النار بقدْر جنايتهم بعدْله) ، فإنما قالوا ذلك ردّا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام