{لَمْ يَلِدْ} نفى عن ذاته مشابهة الأجسام، إذْ من يلد يكون جسما، وبقوله: {وَلَمْ يُولَدْ} نفى عن نفسه مشاكلة الخلق، إذ الولد يكون على شكل الوالد، وبقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} نفى عن نفسه مساواة شيء من الأشياء إيّاه وهو كفْء له، ليس كمثله شيء، فثبت قطعا أنّ إرادة الجوارح والأعضاء والتّناهي والجسميّة مستحيلة.
أمّا قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] ، أراد به ثبوت ألوهيته في السماء، لا ثبوت ذاته، وكذا هذا في قوله: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 3] ، أي ألوهيّته فيهما، لا ذاته، وقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] ، أي: يعلم ذلك، ولا يخفى عليه شيء، وقوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16] ، أي بالسلطان والقدرة، وكذا في قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] ، أنّ الله تعالى جعل ديوان أعمال العباد في السماء، والحفظة من الملائكة فيها، فيكون ما رفع هناك رفعا إليه، والمجسّمة لا يمكنهم أن يقولوا إنه بالذّات عند كلّ محتضر، ولا أن يقولوا بالذّات في السماء لما يلزمهم القول بجعله تحت العرش، وبحسب عدد من في السموات، فوقعوا بهواهم في مثل هذه