بالنقل كان نفيها نفيا لما أثبته الشرع، ونفي ما أثبته الشرع ضلال، والتشبيه باطل بالنقل والعقل، فمن لم يجتنب النفي الذي هو خلاف الشرع، والتشبيه الذي هو خلاف الشرع والعقل؛ زلّ عن الدين الحق، ولم يصب التنزيه الذي أوجبه الشرع والعقل.
وأما قولهم: (فإنّ ربّنا جلّ وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانيّة) .
وهذا أيضا قالوه في فصل الرّؤية؛ حسما عن الخوض في تأويل معاني صفات الرّبّ بالوهم وفهم الرأي، كيلا يقع التشبيه والكيفيّة والتجسيم، لاستحالة هذه المعاني على القديم، فإنّ الله تعالى وصف نفسه بصفات الوحدانيّة بقوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163] ، وبقوله: {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد: 16] .
وأما قولهم: (ليس في معناه أحد من البريّة) ، فإنما قالوا ذلك كيلا يتوهّم أحد في إثبات الرؤية الموعودة في الآخرة معاني الرؤية المعهودة في الشاهد من البريّة، وإنما يراه أهل الجنّة في الجنة بغير إحاطة ولا كيفيّة، كما عرفوه في دار المحنة والعبادة بلا إحاطة ولا كيفيّة.
والبرية جميع الخليقة، يستحيل كون المحدث المخلوق في معنى القديم الخالق.