فهرس الكتاب
الصفحة 63 من 143

وإنما قالوا: لا يصحّ الإيمان بالرؤية لأهل الجنّة لمن اعتبرها بوهم، لأنّ الوهم إنما يقع على الموهوم، وهو ما ينطبع في الحواسّ، وهو ما يوصف بالجنس والكيفيّة، وذلك محال في حقّ الله تعالى.

وإنما قالوا: أو تأوّلها بفهم، لأن الفهم يكون بالتأمّل بالعقل، وذلك يكون لمعرفة الدلائل المنصوبة في العالم وثبوت الصّانع ووحدانيّته وقدمه وعلى براءته عن سمات الحدث وأمارات النقص، ومّا فهْم المعنى الذي يضاف إلى الربوبية فلا سبيل إلى ذلك، وهذا هو معنى قولهم:

(إذ كان تأويل الرؤية وتأويل كلّ معنى يضاف إلى الربوبية) ، أرادوا بأن الربوبيّة منزّه عن الماهيّة والكيفيّة، فلذلك قالوا: لا يصحّ الإيمان بالرؤية إلا بترك التأويل، ولزوم التسليم، كما في العلم بالذات والصفات، تعلم ذاته بأنه: واحد، حي، قديم، موصوف بصفات المدح والكمال، بلا إحاطة ولا كيفيّة.

وأما قولهم: (بترك التأويل ولزوم التسليم، وعليه دين المرسلين) ، فهذا منهم بيان أنّ الرّسل عليهم السلام سلكوا طريقة واحدة في الهدى والتوحيد، فبنوا دينهم على ما أقام الله تعالى لهم من آيات الوحدانية والألوهيّة، وآيات الرسالة، فأسلموا لربّ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام