قديم حكيم لم ينزل كتابه متناقضا، ولا بعث رسوله صلى الله عليه وسلم بدين متناقض، بل يعلم أن الله تعالى أنزل الكتاب؛ وفيه المحكمات ليتّبعوها بالعمل والاعتقاد، وفيه المتشابهات، وأخبر أنّ اتّباع ما تشابه منه زيغ، فقال: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7] ، وثبت أنّ هناك معاني موافقة للمحكمات، ولكنّ الله تعالى امتحن عباده باتّباع المحكمات، ولإيمان بحقيّة مراده في المتشابهات، ليظهر ما عَلِم في الأزل من يحق ممّن يزيغ، كما امتحن العباد بالأوامر والنواهي ليظهر للخلق المطيع من العاصي.
وأما قولهم: (ولا يصحّ الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها بوهم أو تأوّلها بفهم) ، فهذا منهم إثبات لرؤية الله تعالى في الجنّة، إذ دار السلام هي الجنة، قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25] ، أي: يدعو إلى الجنّة، وفي تسميتها دار السلام وجهان:
أحدهما: أنّ السلام اسم من أسماء الله تعالى، فيكون معناها: دار الله، إذ هي دار أولياء الله.
والثاني: سمّيت الجنّة دار السلام، لأنّ من دخلها سَلِمَ من الآفات والعيوب والزّوال، فيكون معناها: دار السلامة.