الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسمل من غير بحث ولا تأويل، لأن الله تعالى يعرف بالقياس، ولا يقاس بالناس، وإنما يعرف بهدايته ودلائله وآياته، والدّلائل والآيات دلّت على وحدانيّته وقدمه بصفاته، وعلى تعاليه عن معاني خلائقه.
وأما قولهم: (لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا، ولا متوهّمين بأهوائنا) ، فإنما قالوا ذلك لأنّ الرؤية معنى يضاف إلى الربوبيّة، ولا يقاس ذاته بالذّوات لوحدانيته وقدمه، ولا يفهم من صفاته ما يفهم من صفات غيره، لأن صفات غيره دلالات على أنّ صانعا قديما صنعها ودّبرها، وذلك يستحيل في حق صفات القديم تعالى، فمن دخل في ذلك متأوّلا برأيه؛ فإما أن يؤدّيه رأيه إلى النفي على ظن أن ذلك تنزيه، فيصير ردّا لما ثبت بالدليل القطعيّ، وذلك ضلال وباطل، وإما أن يؤدّيه رأيه إلى التشبيه والتجسيم على ظن أنه يثبته، فيصير غلوّا، وذلك باطل، فوجب اعتقاد حقيّة ما ثبت بالدّليل الموجب من غير تشبيه ولا تعطيل، وهو سبيل أهل الحق.
وأما قولهم: (فإنه ما سَلِم في دينه إلا من سلم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ورد علم ما اشتبه عليه علمه إلى عالمه) ، فإنما قالوا ذلك في كل ما يثبت كونه من الله تعالى ومن رسوله صلى الله عليه وسلم بالدليل الموجب للعلم من: كتاب ناطق، أو خبر متواتر، أو إجماع، فإنه يجب تسليمه لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، سواء علم الحكمة فيه أو لم يعلم، إذ هو من شريعة علّام الغيوب، وعقول البشر تقصر عن