فهرس الكتاب
الصفحة 56 من 143

وأما قولهم: (بغير إحاطة ولا كيفيّة) ، فإنما قالوا ذلك لما قامت الدّلالة القاطعة على استحالة الإحاطة به سبحانه وتعالى، لأنه لا نهاية له، ونفوا الكيفيّة عن الرّؤية الموعودة بها؛ لاستحالة الكيفيّة في ذات الله تعالى وصفاته، لما فيها من أمارات الحدث.

وأما قولهم: (كما نطق به كتاب ربّنا جل وعلا: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ(22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23] . هذا منهم احتجاج بهذه الآية على إثبات الرؤية، وهذا يدل على أنّ هذه الآية موجبة لنظر العين، وتأويل المعتزلة إياها على انتظار الثواب والكرامة تأويل فاسد، إذ أبو حنيفة وأصحابه هم المتبحّرون في علم الأصول والفروع، وهم أعرف بالتأويل والتنزيل، وقد صرّحوا بإثبات الرؤية، فيسقط تأويل المعتزلة.

وأما قولهم: (وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو كما قال، ومعناه على ما أراد) ، فهذا منهم إثبات لصحّة الأحاديث المرويّة في إثبات الرؤية، وشهادة منهم بحقيّة موجبها، إذ ما ثبت في الشريعة يجب الاعتقاد به، لكونه شريعة الله تعالى تثبت بالمعجزات القاهرات والدّلائل الواضحات، فما ثبت كونه منها يقابل بالسمع والطاعة، ولا يضرب الأمثال، والمقاييس لا تبتنى إلا على دليل موجب للعلم، وذلك: كتاب ناطق، أو خبر متواتر، أو مشهور تلقّاه السلف بالقبول، أو إجماع الأمّة.

وأما قولهم: (ومعناه على ما أراد) ، فإنما أرادوا بذلك النظر المذكور في الكتاب إلى الرب تعالى، وما صحّ في ذلك من الخبر فإنه يجب قبوله باعتقاد الحقّيّة والتّسليم لما أراد

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام