فهرس الكتاب
الصفحة 129 من 143

والولديّة؟

وأما قولهم: (ولا نتبرأ من أحد منهم) ، فإنما قالوا ذلك لأنه لم يوجد منهم ما يوجب البراءة عنهم، بل ظهر وتحقّق منهم ما ملأ الأرض تسبيحا وتهليلا وتمجيدا، وعلّموا الناس شريعة خاتم النّبيّين محمد صلى الله عليه وسلم، فوجب حبّهم والاقتداء بهم، لأنّ الله تعالى قال: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18] ، فقد أخبر الله تعالى أنه رضي عنهم وعلم ما في قلوبهم.

وأما قولهم: (ونبغض من يبغضهم وبغير الحق يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير) ، وإنما قالوا ذلك لأنّ حبّهم يقتضي حبّ الدّين لما بذلوا أرواحهم وأموالهم حبا لله تعالى نصرة لدينه، فمن أبعضهم فإن ذلك لبغضه الدين.

وأما قولهم: (وحبّهم دين وإيمان) ، فإنما قالوا ذلك تأكيدا لما تقدّم من قولهم، ليعلم أنّ حبّهم ليس بطبيعيّ كما يحبّ أحدنا ماله وولده، وإنما نحبّهم لهذا الدّين المرضيّ الذي ارتضاه الله تعالى دينا لهم، لقوله تعالى، {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] ، ولقوله: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] .

وقد قال تعالى في وصف الصحابة: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ}

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام