فهرس الكتاب
الصفحة 128 من 143

في ذات الله تعالى لإعلاء كلمته وإظهار دينه، وأجمعوا كلّهم على نقل الكتاب السماويّ، وهو القرآن بالأحرف السبعة المنزلة، ونقلوا أحكام الشريعة العزيزة المؤسّسة على الوحي السماويّ، فقاموا في جهاد أعداء الله تعالى وتبليغ شريعته مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظهرت نصيحتهم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فوجب متابعتهم ومحبّتهم.

وأما قولهم: (ولا نفرط في حبّ أحد منهم) ، فإنما قالوا ذلك لأنّ الإفراط في الشيء يوجب الفساد، ألا ترى أنّ قوما أفرطوا في حبّ عليّ رضي الله عنه، فخذلوا بالوقيعة في أبي بكر وعمر، ورفضوهما مع عظيم فضلهما الثابت بالنّصوص المتواترة وإجماع الصحابة على خلافتهما؟ وبإتمام خلافتهما كان ظهور الإسلام، وبالإتيان بوجوب طاعتهما شكرهم الله تعالى بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54] ، وبقوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] ، وببركة طاعتهما نصرهم الله تعالى على المرتدّين، حتى أدخلوهم في الإيمان بعد ما خرجوا منه.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليّ رضي الله عنه: يهلك فيك اثنان: مبغض مفرّط، ومحبّ مفرط، ألا ترى أنّ النصارى أفرطوا في حبّ عيسى صلوات الله عليه وسلامه، فادّعى بعضهم فيه الألوهية، وبعضهم الشركة، وبعضهم النبوّة

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام