فهرس الكتاب
الصفحة 126 من 143

وقد عرف كلّ من تأمل في نفسه أنّ كونه بالله، وقيامه به، وبقاءه به، كلّ نفس يتنفّس العبد، وكل لمحة ولحظة توجد منه، فإنما تحدث بإنشاء الله تعالى، فيلازمه الافتقار إليه في كلّ طرفة عين.

وأما قولهم: (ومن استغنى عن الله طرفة عين فقد كفر) .

قال القاضي أبو حفص: معناه: من رأى نفسه مستغنيا عن الله طرفة عين فقد كفر، لأنّ الافتقار صفة لازمة للعبد، كالحدثيّة، والاستغناء صفة ربوبيّة، فإذا ظنّ العبد أنه مستغن عن الربّ جلّ ذكره صار جاهلا بالله تعالى، مشاركا في صفة الربوبيّة فيكون كافرا، وكان من أهل الحين بفتح الحاء، أي صار من أهل الهلاك.

[معنى غضب الله تعالى ورضاه]

ثم ذكر الطحاويّ رضي الله عنه عقيدتهم في وصف الله تعالى بالغضب والرّضا.

وأما قولهم: (والله تعالى بغضب ويرضى، لا كأحد من الورى) ، وإنما قالوا ذلك لقوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] ، قال المفسّرون: غير المغضوب عليهم، هم الذين أنعم الله عليهم بالكون على الصّراط المستقيم، والمغضوب عليهم اليهود، وكذا كلّ من كفر بالله وعاند آياته، وقال تعالى: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 6] ، وقال تعالى في وصف نفسه بالمحبّة: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] ، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] ، فدلّت هذه الآيات على ثبوت

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام