فهرس الكتاب
الصفحة 64 من 335

عبد الملك] ليستا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كل منهما من كلام بعض السلف، فالوليد ذكرها عن بعض شيوخه الشاميين كما جاء مفسراً في بعض طرق حديثه، ولهذا اختلفت أعيانها عنه، فروي عنه في إحدى الروايات من الأسماء بدل ما يذكر في الرواية الأخرى، وهذا مما يبيِّن لك أنها من الموصول المدرج في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الطرق وليست من كلامه، ولهذا جمعها قوم آخرون على غير هذا الجمع، واستخرجوها من القرآن، منهم سفيان بن عيينة، والإمام أحمد وغيرهم" (1) ."

المسألة الثانية: بيان معنى الإحصاء الوارد في الحديث المرتب على تحقيقه دخول الجنة، ولا ريب أن هذا فضل عظيم يحرك في النفس الجدَّ في نيل هذا المطلب العظيم، والسعي في تكميله، والحرص الشديد على تحقيقه.

ولقد ظن بعض الناس خطأً أنَّ المراد بإحصاء أسماء الله المرغب فيه في هذا الحديث هو عد ألفاظ تسعة وتسعين اسماً من أسماء الله، واستظهارها في القلب، والتلفظ بها في أوقات معينة مخصوصة، وربما جعلها بعضهم في جملة ذكره لله في صباحه ومسائه دون فقه من هؤلاء بمعاني هذه الأسماء الجليلة العظيمة، أوت دبر لمدلولاتها، أو تحقيق لموجباتها ومستلزماتها، أو عمل بمقتضياتها ومتطلباتها.

ولقد نبَّه العلماء رحمهم الله أنه ليس المرادُ بإحصاء أسماء الله عدَّ حروفها فقط بلا فقه لها أو عمل بما تقتضيه، بل لابد في ذلك من فهم معناها والمراد بها فهماً صحيحاً سليماً، ثم العمل بما تقتضيه.

قال أبو عمر الطلمنكي رحمه الله:"من تمام المعرفة بأسماء الله تعالى وصفاته التي يستحق بها الداعي والحافظ ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المعرفةُ بالأسماء والصفات، وما تتضمَّن مِنَ الفوائد، وتدل عليه من الحقائق، ومن لم يعلم ذلك لم يكن عالماً لمعاني الأسماء، ولا مستفيداً بذكرها ما تدل عليه من المعاني" (2) .

(1) "مجموع الفتاوى" (6/ 379 - 380) باختصار. وانظر"مجموع الفتاوى" (22/ 483) .

(2) "فتح الباري"لابن حجر (11/ 226) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام