و"السُّبُّوح"يدل على التسبيح، وهو التنزيه، كما قال تعالى: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ(180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات: 180 - 182] .
القسم الرابع: الأسماء الدالة على جملةِ أوصاف عديدة لا على معنىً مفرد؛ فإنَّ من أسمائه سبحانه ما يكون دالاًّ على عدَّة صفات، ويكون ذلك الاسم متناولاً لجميعها تناولَ الاسم الدَّال على الصفة الواحدة لها، ومن ذلكم أسماؤه تبارك وتعالى: المجيد، والحميد، والعظيم، والصمد، والسيِّد.
فإنَّ"المجيد"من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال، ولفظه يدلُّ على هذا؛ فإنه موضوع للسَّعةِ والكثرة والزيادة، ومنه قولهم:"في كلِّ الشجر نار واستمجد المرْخُ والعفار"، أي: زادا وكَثُرا، فالمجيد يرجع إلى عظمةِ أوصافه وكثرتها وسعتها، وإلى عظمة ملكه وسلطانه، وغلى تفرده بالكمال المطلق والجلال المطلق والجمال المطلق، فهو ليس دالاً على معنى واحد، وإنما هو دالٌّ على صفات عديدة.
و"الحميد"أي: الذي له جميع المحامد، وهي جميع صفات الكمال، فكل صفة من صفاته يحمد عليها.
و"العظيم"من له كمال العظمة في أسمائه وصفاته وأفعاله، المتَّصفُ بصفاتٍ كثيرة من صفات الكمال والجلال والجمال.
و"الصَّمد"هو واسع الصفات عظيمة، الذي كمل في علمه وحكمته وحلمه وقدرته وعزته وعظمته وجميع صفاته.
فهذه أقسام أربعة من المهم معرفتها ومعرفة ما يندرج تحت كل قسم منها من أسماء الله الحسنى، ففي ذلك نفعٌ عظيم وفائدةٌ جليلةٌ في بابِ فقه الأسماء الحسنى ومعرفة مدلولاتها.
ولما تقدَّم فيه أيضاً دلالةٌ على أن أسماء الله كلها نعوتٌ، ليست أعلاماً محضةً لمجرد التعريف، بل هي أسماء مشتقةٌ دالةٌ على معانٍ هي صفاتُ كمالٍ قائمةٍ به سبحانه تُوجبُ له المدح والثناء.