فهرس الكتاب
الصفحة 40 من 335

فمن أسمائه ما يدلُّ على صفاتٍ ذاتيةٍ، ومنها ما يدلُّ على صفاتٍ فعليةٍ، ومنها ما يدلُّ على صفاتِ تقديسٍ وتنزيهٍ، ومنها ما يدلُّ على جملةِ أوصافٍ عديدة، وليس فيها مطلقاً اسمٌ لا يدلُّ على صفةٍ، والله جل وعلا أثنى على نفسه بأسمائه وتمدَّح بها، قال تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [طه: 8] ، وقال تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الأعراف: 180] ، وما كان من الأسماء جامداً غير دالٍّ على صفةٍ لا مدح فيه ولا دلالة له على الثناء، لا يدخل في أسماء الله؛ لأن أسماء الله كلها حسنى، أي: بالغةً في الحسن نهايته وكمالَه، وذلك لدلالَتِها على صفاتِ الكمال ونعوت الجلال لله سبحانه وتعالى.

وبهذا يتبيَّن خطأُ قولِ من عدَّ الدَّهر اسماً من أسماء الله الحسنى مُستدلاًّ على ذلك بالحديث القُدسي:"يؤذيني ابنُ آدم يَسبُّ الدهر وأنا الدهرُ بيدي الأمرُ، أُقلِّبُ الليل والنهار"متفق عليه (1) ؛ إذ ليس فيه دلالةٌ على أن الدهر من أسماء الله؛ لأن الدهر هو الزمان، والله تعالى هو الذي يُقلِّبُ الليل والنهار، فمن سبَّ الدهر وهو مُسخَّرٌ مقلَّبٌ رجعتْ مسبَّته إلى مُسخِّره، ومُقلِّبه وهو الله تعالى، وقد بيَّن الله ذلك بقوله:"بيدي الأمر أقلِّبُ الليل والنهار"، والدهر اسمٌ جامدٌ لا يتضمن معنىً يُلحقُه بالأسماء الحسنى؛ لأنه اسمٌ للوقت والزمن، وأسماءُ الله كلُّها حسنى ليس فيها اسمٌ جامدٌ.

(1) رواه البخاري (رقم: 4826) ، ومسلم (رقم: 2246) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام