فهرس الكتاب
الصفحة 324 من 335

وفي حديث طلحة بن عبيد الله بن كريز مرسلاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله جوادٌ يحب الجود، ويحب معاني الأخلاق، ويكرهُ سفسَافَها"رواه أبو عبيد في"فضائل القرآن"، والبيهقي في"شعب الإيمان"وغيرهما (1) .

والمعطي: المتفرِّد بالعطاء على الحقيقة، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، عطاؤه سبحانه كلام، ومنعه كلام، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، وكل ما بالعباد من نعمة فهي من منِّه وعطائه سبحانه، وسع عطاؤه العباد كلهم، مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، هذا في الدنيا، أما يوم القيامة فخص به أولياءه المؤمنين، قال تعالى: (كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً * انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) [الإسراء: 20 - 21] ، وقال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [الأعراف: 32] .

والجواد معناه: كثير العطاء، الذي عم بجوده جميع الكائنات، وملأها من فضله وكرمه ونعمه المتنوعة، فلا يخلو مخلوق من إحسانه طرفة عين.

قال ابن القيم رحمه الله:"وأخبره (2) في عهده أنه أجود الأجودين، وأكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين، وأنه سبقت رحمتُه غضبه، وحلمُه عقوبته، وعفوه مؤاخذته، وأنه قد أفاض على خلقه النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وأنه يحب"

(1) "فضائل القرآن" (رقم: 52) ، و"شعب الإيمان" (7/ 426) ، ورواه الهيثم بن كليب الشاشي في"مسنده" (رقم: 20) كلهم من طريق حجاج بن أرطاة، عن سليمان بن سُحيم، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، به. وفيه حجاج وهو مدلس وقد عنعن.

والحاصل أن هذه الأحاديث - وإأن لم تخلو من مقال - يشهد بعضها لبعض وتدل بمجموعها على ثبوت اسم الجواد لله عز وجل. وانظر إثبات شيخ الإسلام ابن تيمية لهذا الاسم في كتابه"بيان تلبيس الجهمية" (1/ 533 - 539) .

(2) يعني الإنسان.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام