فهو سبحانه يحبُّ ظهور أثر نعمته على عبده، فإنه من الجمال الذي يحبه، وذلك من شكره على نعمته، والشكر جمال باطن، فيحب سبحانه أن يرى على عبده الجمال الظاهر بالنعمة والجمال الباطن بالشكر عليها، ولمحبته سبحانه للجمال أنزل على عباده لباساً وزينة تجمِّل ظواهرهم، وأمرهم بالتقوى لتجمل بواطنهم، فقال: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) [الأعراف: 26] ، وقال في أهل الجنة: (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) [الإنسان: 11 - 12] ، فجمَّل وجوههم بالنضرة وبواطنهم بالسرور وأبدانهم بالحرير.
هذا؛ وتمام المنة على أهل الجنة، وأعظم النعم رؤيتهم إلههم وربهم ومولاهم الجميل الجليل سبحانه، فإنها أعظم ما يعطون وأجل ما ينالون، وهي قرة العيون، وبهجة النفوس، وسرور القلوب، ونضرة الوجوه، وأعظم الإكرام، وفي"صحيح مسلم" (1) عن صهيب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تُبيِّض وجوهنا، ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار، قال: فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل".
اللهم إنا نسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مُضرة ولا فتنة مُضلَّة.
(1) (رقم: 181) .