فهرس الكتاب
الصفحة 288 من 335

ولهذا فإنَّ من أحسن الوسائل إلى الله جل وعلا في طلب الشفاء من الأسقام والأمراض التوسل إليه بتفرُّده وحده بالربوبية وأن الشفاء بيده وحده، وأنه لا شفاء لأحد إلا بإذنه، فالأمر أمره، والخلق خلقه، وكل شيء بتصريفه وتدبيره، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فقول النبي صلى الله عليه وسلم - كما في الدعاء المتقدم-"اللهم رب الناس"فيه التوسل إلى الله بربوبيته للناس أجمعين، بخلقهم وتدبير شؤونهم وتصريف أمورهم، فبيده سبحانه الحياة والموت، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والقوة والضعف.

وقوله:"أذهب الباس"أي: أزِل السقم والشدة والمرض، ولفظه في حديث أنس:"اللهم رب الناس مذهب الباس"، وفي هذا توسُّل إليه سبحانه بأنه وحده المذهب للبأس، فلا ذهاب للبأس عن العبد إلا بإذنه ومشيئته سبحانه.

وقوله:"واشفه أنت الشافي"فيه سؤال الله الشفاء، وهو العافية والسلامة من المرض؛ متوسلاً إلى الله عز وجل بهذا الاسم العظيم الدال على تفرده وحده بالشفاء، وأن الشفاء بيده.

وقوله:"لا شفاء إلا شفاؤك"فيه تأكيدٌ لهذا الاعتقاد وترسيخ لهذا الإيمان، وإقرار بأن الشفاء لا يكون إلا من الله عز وجل، وأن العلاج والتداوي إن لم يوافق إذناً من الله بالعافية والشفاء فإنه لا ينفع ولا يجدي.

وقوله:"شفاء لا يغادر سقما"أي: لا يُبقي مرضاً ولا يخلف عِلَّة.

ومثلُه ما رواه مسلم في"صحيحه" (1) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:"إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ فقال: نعم، قال: باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك باسم الله أرقيك".

(1) (رقم: 2186) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام