فهرس الكتاب
الصفحة 239 من 335

فأخذ خشبةً فنقرها، فأدخل فهيا ألأف دينار وصحيفةً منه إلى صاحبه، ثم زجَّج موضعها، ثم أتى بها إلى البحر فقال: اللهم إنك تعلمُ أني كنتُ تسلفْتُ فلاناً ألف دينار، فسألني كفيلاً فقلت: كفى بالله كفيلا، فرضي بك، وسألني شهيداً، فقلتُ: كفى بالله شهيداً، فرضي بك، وإني جهدتُ أن أجد مركباً أبعث إليه الذي له فلم أقدر، وإني أستودعُكها، فرمى بها في البحر حتى ولجتْ فيه، ثم انصرف وهو في ذلك يلتمسُ مركباً يخرج إلى بلده، فخرج الرجل الذي كان أٍلفَهُ ينظر لعل مركباً قد جاء بماله، فإذا الخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطباً، فلما نشرها وجد المال والصحيفة، ثم قدم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار فقال: والله ما زلت جاهداً في طلب مركب لآتيك بمالك، فما وجدتُ مركباً قبل الذي أتيتُ فيه. قال: هل كنت بعثت إليِّ بشيء؟ قال: أخبرُك أني لم أجد مركباً قبل الذي جئتُ فيه. قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة، فانصرف بالألف الدينار راشداً"."

و"الوكيل"معناه: الكافي الكفيل، وهو عامٌّ وخاص:

أما العام: فيدل عليه قوله تعالى: (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الأنعام: 102] ، وقوله تعالى: (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [هود: 12] ، أي: المتكفِّل بأرزاق جميع المخلوقات وأقواتها، القائم بتدبير شؤون الكائنات وتصريف أمورها.

والخاص: يدلُّ عليه قوله تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً) [النساء: 81] ، وقوله: (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) [آل عمران: 173] ، أي: نِعْمَ الكافي لمن التجأ إليه والحافظ لمن اعتصم به، وهو خاص بعباده المؤمنين به المتوكلين عليه.

وقد دعا سبحانه عباده إلى التوكل عليه وحده، وجعل ذلك دليل الإيمان، قال تعالى: (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) [المزمل: 9] ، وقال تعالى: (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) [الملك: 23] ، ووعد على ذلك عظيم الثواب، وحسن المآب، قال تعالى: (وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الشورى: 36] ، وحذر سبحانه من التوكُّل على سواه، قال تعالى: (أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً) [الإسراء: 2] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام