فهرس الكتاب
الصفحة 231 من 335

أنفسهم وأرخصوها وبذلوها طلباً لمرضاة الله ورجاء لثوابه، فهم بذلوا الثمن للملي الوفي الرؤوف بالعباد، الذي من رأفته ورحمته بهم أن وفقهم لذلك، ووعدهم عليه عظيم الثواب، وحسن المآب، ولا تسأل عما يحصل لهم من التكريم وما ينالونه من الفوز العظيم، فقدومُهم يوم القيامة على ربٍّ رؤوفٍ رحيم.

وقال تعالى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) [آل عمران: 30] .

وهذا يفيد أن الله سبحانه مع شدة عقابه وعِظم نكاله فإنه رؤوفٌ بالعباد، ومن رأفته بهم أن خوَّف العباد وزجرهم عن الغيِّ والفساد، ليسلموا من مغبتها، ولينجوا من عواقبها، فهو جل وعلا رأفةً منه ورحمة سهل لعباده الطرق التي ينالون بها الخيرات ورفيع الدرجات، ورأفةً منه ورحمةً حذر عباده من الطرق التي تفضي بهم إلى المكروهات.

وقال تعالى: (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 117] .

وفي هذا السياق أن من رأفة الله بهم أن منَّ عليهم بالتوبة ووفقهم لها، وقبلها منهم، وثبتهم عليها، ولولا أنه رأف بهم ورحمهم لما حصل لهم شيء من ذلك.

وقال تعالى: (خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [النحل: 4 - 7] .

وفي هذا أن من رأفة الله بالإنسان أن سخر له الأنعام لأجل مصالحه ومنافعه، وجعل له فيها دفئاً بما يتخذه من أصوافها وأشعارها وأوبارها من لباس ومنافع أخرى عديدة، ومنها يأكل، وجعل له فيها جمالاً في وقت رواحها وحركتها ووقت

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام