ومما ينبغي أن يعلم هنا أن البَرَّ سبحانه يحب أهل البِرِّ، فيقرب قلوبهم منه بحسب ما قاموا به من البر، ويحب أعمال البر، فيجازي عليها بالهدى والفلاح والرفعة في الدنيا والآخرة، والبر أصله التوسع في فعل الخيرات، وأجمع الآيات لخصاله قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ) [البقرة: 177] .
وقال الله تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [آل عمران: 192] ، قال قتادة رحمه الله:"لن تنالوا بر ربكم حتى تنفقوا مما يعجبكم وما تَهوَوْنَ من أموالكم" (1) .
ألهمنا الله جميعاً رشد أنفسنا، ورزقنا من فضله وبره وجوده ما لا نحتسب، إنه سميع مجيب.
(1) انظر:"تفسير ابن جرير الطبري" (3/ 666) .