فهرس الكتاب
الصفحة 227 من 335

ولا يجزي بالسيئة إلا مثلها، ويكتب لهم الهم بالحسنة، ولا يكتب عليهم الهم بالسيئة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من همَّ بحسنة فلم يعملها كُتبت له حسنة، ومن هم بحسنة فعملها كُتبت له عشراً إلى سبعمائة ضعف، ومن هم بسيئةٍ فلم يعملها لم تكتب، وإن عملها كُتبت"، رواه مسلم (1) .

ومن برِّه بعباده فتحه أبواب الإنابة والتوبة والأوبة إليه مهما كثرت الذنوب وتعددت الآثام، قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53] .

وفي الحديث القدسي يقول تعالى:"يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة" (2) .

ومن برِّهِ بهم معاملتهم بالصفح والعفو وستر الذنوب والتجاوز عنها، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه، ويستره، فيقول: أتعرفُ ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك قال الله: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطي كتاب حسناته، وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد: (هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [هود: 18] "متفق عليه (3) .

ومطالعة العبد لهذا البر العظيم من سيده ومولاه نافع له غاية النفع؛ إذ به يعرف عزة الله في قضائه، وبره في ستره، وحلمه في إمهاله، وكرمه في تيسيره لعبده التوبة والإنابة، وفضله في مغفرته، وهذا يسوق العبد إلى حُسن الإقبال على مولاه خضوعاً وتذللاً، رغباً ورهباً، رجاء وطمعاً.

(1) (رقم: 130) .

(2) سبق تخريجه.

(3) رواه البخاري (رقم: 2309) - واللفظ له - ومسلم (رقم: 2768) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام