فهرس الكتاب
الصفحة 204 من 335

وفي ختم التشهد باسم الله المجيد معنى لطيف نبَّه عليه ابن القيم رحمه الله قال:"وتأمل كيف جاء هذا الاسم مقترناً بطلب الصلاة من الله على رسوله كما علمناه صلى الله عليه وسلم، لأنه في مقام طلب المزيد، والتعرض لسعة العطاء وكثرته ودوامه، فأتى في هذا المطلوب باسم يقتضيه" (1) .

لأن المجد يدل على كثرة أوصاف الكمال وكثرة أفعال البر والخير وتعدد العطاء والنوال.

وأشرف أحوال العبد وأرفع مقاماته أن يكون مُثنياً على ربِّه معظماً لجنابه ممجِّداً له، ومن أعظم ذلك تلاوة كلامه المجيد، وقد وصفه تبارك وتعالى بذلك في موضعين من القرآن، قال تعالى: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ(21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) [البروج: 21 - 22] ، وقال تعالى: (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) [ق: 1] .

فالقرآن مجيد أي: عليٌّ قدرُه، رفيعٌ شأنُه، عظيمةٌ مكانته، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.

ومما يمجَّد به الربُّ سبحانه حسنُ الثناء عليه تحميداً وتكبيراً وتسبيحاً وتهليلاً، ومن لازم ذلك سِعِد سعادةً لا شقاء معها، وفاز بخيري الدُّنيا والآخرة.

روى البخاري في"صحيحه" (2) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن لله ملائكةً يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذِّكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا: هلمُّوا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهم ربُّهم عز وجل - وهو أعلم منهم: ما يقول عبادي؟ قال: تقول: يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك، ويمجدونك، قال: فيقول: هل رأوني؟ فيقولون: لا والله ما رأوك، قال: فيقول: كيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك"

(1) "بدائع الفوائد" (1/ 144) .

(2) (رقم: 6045) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام