روى مسلم في"صحيحه" (1) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل؛ فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين؛ قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم؛ قال الله تعالى: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين؛ قال الله تعالى: مجّدني عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين؛ قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين؛ قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل".
والصلاة كلها قائمة على الثناء والتعظيم والتمجيد للحميد المجيد سبحانه أهل الثناء كله والمجد، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال:"ربَّنا لك الحمد، ملء السموات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحقّ ما قال العبد، وكلُّنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد"رواه مسلم (2) ، وفي ركوه وسجوده يعظِّم الله ويمجِّده، وإذا قعد للتّشهد يثني على الله ويمجّده ويختم ذلك بقوله:"إنك حميدٌ مجيد"، فأوّل الصلاة حمد وتمجيد، وآخرها حمد وتمجيد، بل كلها قائمة على الحمد والتمجيد.
قال ابن القيِّم رحمه الله:"وأحسن ما قرن اسم المجيد إلى الحميد، كما قالت الملائكة لبيت الخليل عليه السلام: (قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) [هود: 73] ، كما شرع لنا في آخر الصلاة أن نثني على الرب تعالى أنه حميد مجيد، وشرع في آخر الركعة عند الاعتدال أن نقول:"ربنا ولك الحمد أهل الثناء والمجد"، فالحمد والمجد على الإطلاق لله الحميد المجيد، فالحميد: الحبيب المستحق لجميع صفات الكمال، والمجيد: العظيم الواسع القادر الغني ذو الجلال والإكرام" (3) .
(1) (رقم: 395) .
(2) (رقم: 477) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(3) "التبيان في أقسام القرآن" (ص/125) .