فهرس الكتاب
الصفحة 195 من 335

وأن يعزب عنه مثقال ذرة في السموات والأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، ومنزَّه عن العجز والتعب والإعياء واللّغوب، وموصوف بكمال الحياة والقيوميَّة، منزه عن ضدها من الموت والسِّنَة والنوم، موصوف بالعدل والغنى التام، منزه عن الظلم والحاجة إلى أحد بوجه من الوجوه، وموصوف بكمال الحكمة والرحمة، منزه عما يضادّ ذلك من العبث والسَّفَه، وأن يفعل أو يشرع ما ينافي الحكمة والرحمة، وهكذا جميع صفاته منزه عن كل ما ينافيها ويضادُّها.

الثاني: أنه منزَّهٌ عن مماثلة أحد من خلقه، أو أن يكون له ند بوجه من الوجوه، فالمخلوقات كلها وإن عظمت وشرفت وبلغت المنتهى الذي يليق بها من العظمة والكمال اللائق بها؛ فليس شيء منها يقارب أو يشابه الباري، بل جميع أوصافها تضمحل إذا نسبت إلى صفات باريها وخالقها، بل جميع ما فيها من المعاني والنعوت والكمال هو الذي أعطاها إياه، فهو الذي خلق فيها العقول والسمع والأبصار والقوى الظاهرة والباطنة، وهو الذي علمها وألهمها، وهو الذي نماها ظاهراً وباطناً وكملها.

فهو المنزه عن كل ما ينافي صفات المجد والعظمة والكمال، وهو المنزه عن الضد والند والكفؤ والأمثال.

وينبغي أن يعلم هنا أن تسبيح الله وتقديسه إنما يكون بتبرئة الله وتنزيهه عن كل سوء وعيب، مع إثبات المحامد، وصفات الكمال له سبحانه على الوجه اللائق به.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"والأمر بتسبيحه يقتضي تنزيهه عن كل عيب وسوء، وإثبات المحامد التي يحمد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهه وتحميده وتكبيره وتوحيده" (1) .

(1) "دقائق التفسير"لابن تيمية (5/ 95) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام