إضافةً إلى هذا فإن شرعه قد اشتمل على كل خير، فأخباره تملأ القلوب علماً وعقائد صحيحة، وتستقيم بها القلوب ويزول انحرافها، ويحصل لها أفضل المعارف وأجلّ العلوم، وأوامره كلّها منافع ومصالح، وتثمر الأخلاق الجميلة والخصال الكريمة والأعمال الصالحة والطاعات الزاكية، والهدي الكامل، ونواهيه كلها موافقة للعقول الصحيحة والفطر السلمية، فلم ينهَ إلا عما يضر الناس في عقولهم وأخلاقهم وأعراضهم وأبدانهم وأموالهم.
ومن حكمه وحكمته سبحانه مجازاة المحسن بإحسانه، والمسيئ بإساءته، قال تعالى في شأن المحسن: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) [الرحمن: 60] ، وقال في شأن المسيئ: (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى) [الروم: 10] ، فلا يسوّي سبحانه بين محسن ومسيئ، لا في الدنيا ولا في الآخرة (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) ، وهذا من كمال عدله، وهو مناسب غاية المناسبة لحكمة أحكم الحاكمين سبحانه.