فهرس الكتاب
الصفحة 144 من 335

وقد تواترت النصوص من الكتاب والسنة في قبول الله التوبة من عباده من أيِّ ذنب كان، وكذلك الاستغفار المجرد يحصل به من مغفرة الذنوب والسيئات بحسبه، وفي الحديث القدسي، قال الله تعالى:"يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغتْ ذنوبُك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرتُ لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتُك بقرابها مغفرة". رواه الترمذي (1) .

وكذلك من عفوه سبحانه أن الحسنات والأعمال الصالحة تكفّر السيئات والخطايا، قال تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) [هود: 114] ، وفي الحديث:"وأتبع السّيئةَ الحسنة تمحُها"رواه أحمد والترمذي والحاكم وغيرهم (2) .

وكذلك من عفوه أن المصائب التي تصيبُ العبد في نفسه أو ولده أو ماله تكفِّر سيِّئاته، خصوصاً إذا احتسب ثوابها وقام بوظيفة الصبر أو الرّضى.

ومن عظيم عفوه سبحانه أن العبد يبارز ربَّه بالعظائم والجرائم فيلطف به ربُّه، ويحل عليه عفوه، فيشرح صدره للتوبة، ويتقبّل منه متابه، بل إنه سبحانه يفرح بتوبة عبده إذا تاب مع أنه غني حميد، لا تنفعه طاعةُ مَن أطاع، ولا تضرّه معصيةُ مَنْ عصى.

روى مسلم في"صحيحه" (3) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الله أشدُّ فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلِّها قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال- من شدة الفرح-: اللهمّ أنت عبدي وأنا ربّك، أخطأ من شدة الفرح".

(1) في"جامعه" (رقم: 3540) من حديث أنس رضي الله عنه، وقال:"غريب"وفي بعض النسخ:"حسن غريب"وفي إسناده جهالة، ولكن له شاهد من حديث أبي ذر رضي الله عنه؛ ولذلك حسّنه الألباني رحمه الله في"السلسلة الصحيحة" (رقم: 127) .

(2) "المسند" (5/ 153) ، و"جامع الترمذي" (رقم: 1987) ، و"مستدرك الحاكم" (1/ 54) وهو طرف من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وصحّحه الترمذي والحاكم.

(3) (رقم: 2747) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام