وقال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) [التوبة: 115] ، أي: أنه هداهم هداية البيان والدلالة فلم يهتدوا، فأضلهم عقوبة لهم على ترك الاهتداء.
ثالثاً: هداية التوفيق والإلهام وشرح الصدر لقبول الحق والرِّضى به، قال تعالى: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) [الكهف: 17] ، وقال تعالى: (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) [فاطر: 8] ، وقال تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) [البقرة: 272] ، وقال تعالى: (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) [السجدة: 13] ، وقال تعالى: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [المائدة: 16] .
ولذا أمر سبحانه عباده كلَّهم أن يسألوه هدايتهم الصراط المستقيم كلَّ يوم وليلة في الصلوات الخمس، وصحَّ في السنَّة النبوية عن النبي صلى الله عليه وسلم دعوات كثيرة فيها سؤال الله الهداية والثبات والصلاح والسداد والتوفيق، وسؤالُهُ الوقاية من الضلال وزيغ القلوب، وهو أمرٌ بيده سبحانه وحده، يهدي من يشاء، ويضل من يشاء (مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الأنعام: 39] .
رابعاً: الهداية إلى الجنة والنار يوم القيامة، أما الهداية إلى الجنة فقد أخبر الله عز وجل عن أهلها أنهم يقولون حين تتمّ عليهم النعمة بدخولها (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) [الأعراف: 43] ، وأما الهداية إلى النار فيقول سبحانه: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ(22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ) [الصافات: 22 - 23] .
إنَّ تفكُّر العبد في هذا الاسم العظيم وتأمله في دلالاته يكشف للعبد عن شدَّة افتقاره واضطراره إلى ربِّه في كلِّ أحواله وجميع شؤونه الدينية والدنيوية بأن يهديه إلى صالح أمره، وأن يقيه من الانحراف والضلال.