فهرس الكتاب
الصفحة 9 من 393

كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا [1]

قال ابن كثير رحمه الله: فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام، وتعليم ما ينبغي في مثل هذا، فإنه تعالى حكى عنهم ثلاثة أقوال، ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث إلى قوله رحمه الله:

فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف: أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأن تنبه على الصحيح منها وتبطل الباطل، وتذكر فائدة الخلاف وثمرته، لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته، فتشتغل به عن الأهم فالأهم.

فأما من حكى خلافا في المسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص، إذ قد يكون الصواب في الذي تركه، أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضا، فإن صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب، أو جاهلا فقد أخطأ.

وكذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته، أو حكى أقوالا متعددة لفظا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى، فقد ضيع الزمان وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبي زور والله الموفق. اهـ [2]

وقال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ... } الآية [3] :

وفي الآية دليل على أن العالِم ينبغي له أن يتعلم قول من خالفه وإن لم يأخذ به حتى يعرف فساد قوله، ويعلم كيف يرد عليه، لأن الله تعالى أعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قول

(1) سورة الكهف، الآية: 22.

(2) مقدمة تفسير ابن كثير، ج 1/ 8: 9. ط دار الفكر، وراجع مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية، ج 13/ 368.

(3) سورة الأنعام، الآية 139.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام